التاريخ : الأحد 28 مايو 2023 : 05:56 مساءً
إبراهيم أحمد
طباعة المقال طباعة المقال
إبراهيم أحمد
واشنطن وأنقرة وداعش.. تقاسم الأدوار
واشنطن وأنقرة وداعش.. تقاسم الأدوار
إسرائيل .. ترسانة أسلحة الدمار الشامل
الولايات المتحدة.. تاريخ من العنصرية ورعاية إرهاب الدولة

بحث

  
الجذور الفكرية للهيمنة الأمريكية.. ووهم تفوق القوة
بقلم/ إبراهيم أحمد
نشر منذ: 8 سنوات و 10 أشهر و 23 يوماً
الخميس 03 يوليو-تموز 2014 06:22 م

 سعت الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة إلى فرض زعامتها وهيمنتها العالمية من خلال ما أسمته بالنظام العالمي الجديد والشراكة من أجل السلام وتوسيع الناتو الذي كان سعياً للاستيلاء على إرث الاتحاد السوفييتي السابق، والعمل على تدجين العالم، هذا النهج يعتبر استكمالاً لسياسة التوسع التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من مئة عام، فليس من قبيل المصادفة أن يقول الباحث الألماني كارل شميث "إن الولايات المتحدة دخلت في عام 1898 في حرب مع إسبانيا، وبعد ذلك في حرب ضد العالم كله، وإن نهاية هذه الحرب غير منظورة حتى الآن" أما الفيلسوف المجري لوكاتش، فقد وصف دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم مع انتهاء الحرب العالمية بالكلمات التالية:«في فترة ما بعد الحرب، اقتنصت الولايات المتحدة موقع القوة الامبريالية الرئيسية في العلم، شاغلة بذلك موقع ألمانيا النازية في الماضي واستطاعت الطبقة المسيطرة في هذا البلد الحفاظ على الأشكال الديمقراطية بدرجة ناجحة، الأمر الذي مكن الولايات المتحدة عبر الأساليب الديمقراطية الشرعية من إقامة ديكتاتورية الرأسمالية الاحتكارية بنجاح مماثل لما فعله هتلر باستخدام وسائل القمع والاستبداد، وهذه الديمقراطية المزعومة نجحت في تحقيق كل ماسعى إليه هتلر».
ويشير المؤرخ الإنكليزي أرنولد توينبي إلى أن "الولايات المتحدة تجسد، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، ثورة مضادة دائمة ومتواصلة في العالم"، ويرى أن الفكرة الأمريكية نفسها تمثل نقيضاً لفكرة التنوير، فالتطور التاريخي والتوسعي للولايات المتحدة هو معارضة إمبريالية كونية ضد التاريخ وفكرة التقدم التاريخي.
وتشغل الامبراطورية الأمريكية اليوم موقعاً مشابهاً لموقع امبراطورية روما في الماضي السحيق، فقد ساندت روما الأثرياء ضد الفقراء في جميع المناطق التي احتلتها، وبما أن الفقراء كانوا دوماً أكثر عدداً من الأثرياء فإن سياسة روما استندت إلى مسلمات عدم المساواة وعدم العدالة.
 ويرتبط تاريخ التوسع الأمريكي، مع مبدأ مونرو الذي اكتملت مراحله فيما بعد بالعولمة التي تجسدت في السيطرة على شرق أوروبا عن طريق ابتلاع بولندا وتشيكيا والمجر في الناتو وتدمير وتفتيت واحتلال يوغسلافيا وفرض الهيمنة على البلقان وإعلان مبدأ كلينتون-أولبرايت الذي بموجبه يستعيد حلف شمال الأطلسي كل الوظائف والمهام الأساسية للأمم المتحدة، في هذا الإطار يؤكد المؤرخ الأمريكي وليم وليامز في أعماله أن مبدأ مونرو وخاصة سياسة «الأبواب المفتوحة» القائمة على هذا المبدأ، حدد العقيدة التوسعية للسياسة الخارجية الأمريكية على مدى المئة سنة الأخيرة، ففي عام 1853 أعلن الرئيس الأمريكي مونرو في رسالته للكونغرس مذهبه الذي أصبح أداة للاستعباد الأمريكي لبلدان القسم الغربي من الكرة الأرضية، إذ أشار إلى أن أي محاولة لتدخل الدول الأوروبية في شؤوون بلدان القارة الأمريكية سوف تعتبرها الولايات المتحدة منذ الآن بمثابة عمل سياسي عدواني ضدها، ومن ثم فإن هذا المبدأ يمثل انعطافاً في السياسة الخارجية الأمريكية، استحوذت الولايات المتحدة بموجبه على حق التدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية التي تحولت إلى محميات لها.
يصف نعوم تشومسكي هذا المبدأ«بالحرية وحيدة الجانب» التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية لنهب واستغلال بلدان القسم الغربي من الكرة الأرضية.
وتحول هذا المبدأ على المستوى الجيوسياسي إلى أداة للاستيلاء على«المكان» وتحويل هذا المكان إلى امبراطورية إقليمية أمريكية.
 في تلك الفترة أشار فريدريك جاكسون تيرنر، مستشار الرئيس تيودور روزفلت وولسون، إلى أن جوهر الولايات المتحدة الأمريكية كدولة يكمن في العملية الجيوسياسية للتوسع والتحريك الدائم لحدود الهيمنة الأمريكية نحو الغرب، في البداية حتى شواطىء المحيط الأطلسي وبعد ذلك على الجانب الآخر لهذا المحيط في المنطقة الأوروبية الآسيوية، ويمكن القول إن مبدأ مونرو على المستوى الايديولوجي يعتبر بمثابة ميثولوجيا سياسية وايديولوجيا للامبريالية، حيث عمل على تعليل واقع هيمنة الولايات المتحدة على القارة الأمريكية.
إن الأسطورة السياسية لمبدأ مونرو خلقت بالتوازي مع تشكل الامبراطورية الأمريكية، فالهيمنة تتطلب تشكيل ميثولوجيا تعطيها الشرعية، وفي أثناء عملية الاستيلاء على مناطق امبراطورية جديدة تؤكد الميثولوجيا:«نحن نهيمن عليكم الآن تخدم مصالحكم» وفي سياق ترسيخ الهيمنة ينبغي على الميثولوجيا خلق الايمان بأن علاقات الهيمنة والإخضاع القائمة هي علاقات طبيعية ومؤسسة على النفع المتبادل لكلا الطرفين، أما أولئك الذين يشككون في هذا الأمر أو يجهلونه فهم من المجرمين أو من الضالين.
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، شهدت الولايات المتحدة صياغة إيديولوجيات تعلل نزعة الاستيلاء الاستعماري والتوسع الجغرافي والعدوان بشكل عام، وكان لتعاليم الأميرال ماهان الخاصة "بالقوة البحرية" دور هام في هذه العملية، هذه التعاليم لم تؤثر فقط على تصورات علماء الجيوسياسية الانكلوسكسون المقبلين، بل تحولت إلى ركيزة إيديولوجية للجيوبولتيكا الأمريكية، وقد عرض ماهان السمات الأساسية لمذهبه في كتاب بعنوان تأثير القوة البحرية على التاريخ في الفترة من 1660- 1783، شدد فيه على أن القوة البحرية ضرورية للولايات المتحدة من أجل نشر الحضارة في العالم المحيط بها، ويمكن حصر هذا البرنامج السياسي- الاستراتيجي في:
التوسع الاقتصادي الخارجي: التوسع العالمي للتجارة عبر البحار وتصدير رأس المال والاستيلاء على الأسواق الخارجية.
التوسع السياسي الخارجي: سياسة استعمارية نشطة والاستيلاء على المناطق التي لم تقسم بعد والصراع العسكري من أجل تقسيم العالم لصالح الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادي وأمريكا اللاتينية.
إجراءات استراتيجية عسكرية لتعزيز المستعمرات المستولى عليها ومناطق النفوذ والإعداد المستقبلي من أجل الهيمنة والزعامة العالمية.
وانطلاقاً من الفرضية العنصرية "القدر المحتوم" أي أن قدر الولايات المتحدة المحتوم هو زعامة العالم والهيمنة عليه، وأكد ماهان أن الشعوب غير الراقية من حيث العرق لا توجد لديها تقاليد اقتصادية وسياسية، ولا يحق لها امتلاك الأراضي، واعتبر أن العنصر الانكلوسكسوني هو الأرقى ولذا فهو يكتسب حقاً طبيعياً للاستحواذ على أية منطقة.
وعلل نظرية الدول التي يمكن للولايات المتحدة استخدامها كأذرع للضغط ونقاط للارتكاز من أجل تقوية الجيوسياسة الأمريكية في المناطق الجديدة، وقد برر ماهان العنف في العلاقات الدولية، وقال: إن قوة رأس المال الممركز هي قوة حقيقية ومادية فعلية مثلها مثل قوة الجيش المنظم.
وبالاشتراك مع تيودور روزفلت أعطى تفسيراً جديداً لمذهب مونرو حوله إلى أداة لتبرير تدخل الولايات المتحدة ليس فقط في أمريكا اللاتينية بل وخارج حدود القارة الأمريكية، بزعم أن الرسالة التاريخية للقوة البحرية للولايات المتحدة يجب أن تكون أداة القدر المحتوم لتوسع الدولة الأمريكية وأن السعي الأمريكي لتحقيق التفوق يمثل مهمة أبدية.
لقد كان توجه الإدارة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي منع أي قوة أخرى من النفاذ إلى مناطق يمكن أن ترتفع بتلك الدولة إلى مصاف الدول التي تتمتع بوضع القوة العظمى، ومنع أي تحد لقيادة الولايات المتحدة ورؤيتها للنظام السياسي والاقتصادي، وإعاقة ظهور أي منافسين محتملين.
تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى كتابات وأراء
كتابات وأراء
محرر  قضايا وحريات
الملتقى الوطني يرصد "508" واقعة انتهاك وعدد "99.175" ضحية خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2012
محرر قضايا وحريات
الدكتور / جهاد عبدالرحمن
الفيدرالية خارطة طريق للعودة إلى مرحلة ما قبل الدولة في اليمن
الدكتور / جهاد عبدالرحمن
المحامي محمد احمد الروسان
بسبب أركولوجية السياسة الأمريكية والأوروبية وبعض عرب دول الجوار السوري مغناطيساً جاذباً للأرهاب
المحامي محمد احمد الروسان
الرفيق/خالد السبئي
اليمن" الأمن والإرهاب "الى اين
الرفيق/خالد السبئي
صحفي/ناهض حتر
تحيا سوريا
صحفي/ناهض حتر
الرفيق/خالد السبئي
الموت يغيِّب "جيفارا العرب" جسدا الشاعر العربي الاصيل أحمد فؤاد نجم
الرفيق/خالد السبئي
الـمـزيـد