التاريخ : الجمعة 02 يونيو-حزيران 2023 : 05:56 مساءً
د/فؤاد دبور
طباعة المقال طباعة المقال
د/فؤاد دبور
تحديات تواجه الأمة العربية
الإدارات الأمريكية والمشاريع المعادية
الديمقراطية والإدارات الأمريكية
التدخل الاجنبي المتصاعد في المنطقة العربية
الولايات المتحدة الأمريكية والمشروعات المعادية
التمسك بالفكر القومي العربي
استهداف الهوية العربية
الأمم المتحدة في ظل الهيمنة الأمريكية

بحث

  
العدوان الصهيوني وجامعة الدول العربية
بقلم/ د/فؤاد دبور
نشر منذ: 8 سنوات و 9 أشهر و 15 يوماً
السبت 16 أغسطس-آب 2014 09:06 ص

 كان إحداث جامعة الدول العربية في الثاني والعشرين من شهر آذار عام 1945م محاولة لإرضاء الطموحات الوحدوية عند الشعب العربي في أقطار الوطن العربي الكبير، لكن دول الجامعة ومنذ البداية اتجهت نحو تكريس القطرية والانعزال، متجاهلة طروحات الدولة السورية التي طالبت بأن تكون الجامعة مؤسسة وحدوية عربية، فقد أصرت بعض الدول السبع المؤسسة بأن تكون الجامعة منظمة للتشاور والتنسيق فقط، وهذا ما كان، حيث جاءت تسمية الجامعة تكرس القطرية، إذ رفضت هذه الدول اقتراحاً بتسميتها "الجامعة العربية" وأصرت على تسميتها "جامعة الدول العربية"، وأكدت نصوص الديباجة على التمسك بالقطرية من خلال النص الواضح القائل باحترام استقلال دول الجامعة وسيادتها، مثلما أكدت هذا الأمر أيضاً المادة الأولى من ميثاق الجامعة، التي نصت على ما يلي: "تتألف جامعة الدول العربية من الدول المستقلة الموقعة على هذا الميثاق" وبقيت الجامعة محافظة على النهج القطري الانعزالي، رافضة طروحات التيار القومي العربي التكاملي الذي تمثله سورية.

أي أن جامعة الدول العربية ومنذ البدايات وعبر مسارها قد تباينت مع التوجهات والمواقف القومية، حيث دفعت باتجاه الدائرة القطرية الضيقة بدلاً من العمل العربي المشترك، وتقوية التوجهات نحو التضامن العربي الذي يخدم مصالح العرب وبناء الموقف الواحد في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالأمة العربية، وفي المقدمة منها التحدي الصهيوني، الذي يهدد كيان الأمة العربية بأكملها، وليس فلسطين العربية فقط. كما عجزت الجامعة عن اتخاذ موقف من الاعتداءات والحروب العدوانية الصهيونية على فلسطين ولبنان، فقد فشلت أيضاً في تحقيق الإجماع على مبدأ مقاطعة الكيان الصهيوني الغاصب لأرض شعب عربي في فلسطين، كذلك تغاضت

بشكل متعمد عن التدخلات الأمريكية والأوروبية الاستعمارية في الشؤون الداخلية العربية، إن لم نقل: إن من هذه الدول من أسهم بشكل مباشر، أو غير مباشر في دعم هذه التدخلات، وفتحت دول أخرى في الجامعة أراضيها ومياهها للقواعد العسكرية الأمريكية براً وبحراً مما يهدد الأمن القومي العربي.

وإذا ما توقفنا عند مسار وممارسات وسياسات معظم دول الجامعة العربية من الأزمة في ليبيا قبل الانتقال إلى الأزمة في سورية فإننا نرى أن جامعة الدول العربية بمعظم دولها قد توحدت في اتخاذ قرار، ارتكزت عليه دول مجلس الأمن الدولي في قرارها رقم 1973، القاضي بالتدخل العسكري لحلف الناتو الذي أسفر عن قتل عشرات الآلاف من شعب ليبيا العربي، وتدمير العديد من المدن والقرى والمؤسسات، وتقاسم ثروات هذا البلد النفطية، ونشاهد ما آلت إليه الأوضاع من انقسامات وحروب داخلية وفقدان مؤسسات الدولة.

أما فيما يتعلق بسورية، وما تواجهه من مؤامرة متعددة الأطراف والأبعاد، فقد شاركت جامعة الدول العربية بشكل واضح، لا لبس فيه، ولا غموض في استهداف سورية خدمة للمشروعات الأمريكية والصهيونية، وذلك عبر تحركها السريع غير المسبوق، بإجماع شبه تام في اتخاذ قرارات، تحاصر سورية، وتنال من سيادتها ووحدة شعبها الوطنية، وتعرضها لتدخل أجنبي، فشلت الدول الامبريالية، والولايات المتحدة الأمريكية، ومعها الدول الاستعمارية، فرنسا، وبريطانيا، بشكل أساسي في استصدار قرار من مجلس الأمن لحصار سورية والتدخل العسكري في شؤونها، وكان هذا الفشل بفضل اتخاذ كل من روسيا والصين حق الاعتراض "الفيتو" لإسقاط هذا التدخل، مما جعل الدول الاستعمارية المعادية لسورية وتوجهاتها الوطنية والقومية تتوجه نحو جامعة الدول العربية لاستخدامها أداة للضغط على سورية وحصارها سياسياً، عبر قرار تعليق عضويتها في الجامعة وسحب السفراء ما يعني قطع العلاقات الدبلوماسية معها وقرار آخر لاحق بشكل سريع، لوضع سورية تحت الحصار الاقتصادي، الذي يعاني منه شعبها، وتدّعي جامعة الدول العربية أنها تتخذ هذه القرارات الجائرة من أجل حمايته، ويبدو أن الحماية في قاموس الجامعة تأتي عبر التجويع وإفقاد الشعب القدرة على الحصول على حاجاته اللازمة، وضرب اقتصاد الوطن بما يعود عليه بالضرر.

أي أن معظم دول الجامعة العربية قد اصطفت مع الأعداء، الذين يستهدفون سورية، إحدى الدول السبع المؤسسة للجامعة لمعاقبتها على سياساتها ومواقفها الوطنية والقومية، وأثبتت مجريات الأمور والقرارات والجهود المتواصلة التي قامت بها الجامعة للضغط على سورية ومعاقبتها جر التدخل الأجنبي في شؤونها بما فيها استحضار التدخل العسكري بالتعاون والتنسيق مع تركيا إحدى دول حلف الأطلسي المجاورة لسورية وبتنفيذ أوامر الإدارة الأمريكية التي طالما سعت لحصار سورية ومعاقبتها والانتقام منها بسبب تصديها لسياساتها وإفشال مخططاتها ومشروعاتها ضد المنطقة بأسرها.

باختصار شديد هذا هو مسار جامعة الدول العربية ضد سورية، الذي أفرزته قرارات الاجتماعات المتلاحقة لوزراء الخارجية، حيث عقد هؤلاء الوزراء ستة اجتماعات في أقل من شهرين، وهذا غير مسبوق، كما أسلفنا في تاريخ الجامعة الممتد لأكثر من ستة عقود الذي لم تعقد فيه الجامعة عقد سوى اجتماع واحد فقط أبدت فيه المبادرة المصرية ثم وقفت صامتة، وكأن ما يجري في غزة لا يعنيها.

بل نستطيع القول: إن الجامعة العربية غير قادرة على عقد اجتماعات متواصلة مثلما فعلت مع سورية، لأن السيد الأمريكي أراد مثل هذه الاجتماعات لحصار سورية وإضعافها، إن لم نقل إسقاطها لصالح المشروع الصهيوني- الأمريكي في المنطقة، وهنا في غزة أيضاً ممنوع على الجامعة أن تعقد اجتماعات، حتى مجرد اجتماعات من أجل تمرير المشروع الصهيو- أمريكي الهادف إلى تصفية المقاومة الفلسطينية والداعمين لها، وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها لصالح الصهاينة، فدول الجامعة العربية التي تحركها وتديرها عبر أمينها العام خدمة للسيد الأمريكي وسياساته في المنطقة، التي تتمثل في هدفين أساسيين هما الحفاظ على أمن وتفوق الكيان الصهيوني والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة. الأمريكية النفطية أيضاً، شلال دم الأطفال والنساء والشيوخ يتدفق يومياً في غزة والضفة، ودول الجامعة العربية لا تقدر على التحرك على اعتبار أن الدم الفلسطيني يرخص أمام تحقيق مصالح العدو الصهيوني الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، ولكننا نقول لدول الجامعة: سوف تنتصر إرادة الشعب المقاوم في فلسطين العربية وسورية ولبنان وفي كل قطر عربي، وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى كتابات وأراء
كتابات وأراء
معن بشور
بقايا الماضي ... أم طلائع المستقبل (مهداة إلى أبطال المقاومة في ذكرى الانتصار على العدوان)
معن بشور
الرفيق/خالد السبئي
اليمن بمنعطف تاريخي أكثر خطورة...!
الرفيق/خالد السبئي
نبيل الصعفاني
نريد حكومة من أجل اليمن وليس من أجلكم ؟!
نبيل الصعفاني
نبيل الصعفاني
المصالحة الوطنية واصوات المزايدين !
نبيل الصعفاني
الرفيق/خالد السبئي
غزة مواقف بهلوانية للمجتمع الدولي من العربدة الصهيونية
الرفيق/خالد السبئي
نبيل الصعفاني
في حديث مختلف .. ِ الرئيس هادي يوبخ الراسبين في التربية الوطنية ؟
نبيل الصعفاني
الـمـزيـد