|
|
|
|
|
الولايات المتحدة الأمريكية والمشروعات المعادية
بقلم/ د/فؤاد دبور
نشر منذ: 8 سنوات و 7 أشهر و 23 يوماً الأربعاء 15 أكتوبر-تشرين الأول 2014 10:05 ص
فشلت إدارة الرئيس أوباما بمعرفة الحجم الحقيقي للتهديد الذي يمثله الإرهابيون الذين صنعتهم خدمة لأهدافها الإمبريالية في المنطقة، مثلما أخفقت في تقييم قدرة العصابات الإرهابية على أرض الواقع سواء أكان ذلك في سورية، حيث قدمت وتقدم، عبر أدواتها في المنطقة الدعم العسكري بأشكاله المتعددة التدريب والتسليح والمعلومات الاستخبارية وممرات العبور، كما أمنت عبر أدواتها في المنطقة الدعم المالي لهذه العصابات الإرهابية.
أمام الواقع الذي فرضته هذه العصابات الإرهابية خاصة تلك التي تسمى دولة العراق والشام "داعش"، تحركت الإدارة الأمريكية للمواجهة، ولكن بالدماء والأموال العربية، وإن استخدمت الطائرات المقاتلة إذ لا تمتلك هذه العصابات مضادات للطائرات، تحركت من أجل خلق تحالف للخروج من المأزق، ويمكن أن نطرح سؤالاً نعتقد جازمين بأنه مشروعاً، عن ماهية الأهداف الحقيقية للحرب التي تقودها الإدارة الأمريكية ضد "داعش" وهو هل من أجل تصفية هذه العصابة أم من أجل استخدامها ذريعة لإعادة نفوذها إلى العراق وضرب الجيش العربي السوري وإلحاق المزيد من الخسائر بالقطر العربي السوري تحقيقاً لأهدافها في قيادة الحرب العدوانية على سورية، المتمثلة في إضعاف الدولة السورية وإخراجها من دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني وإزاحة أهم عقبة تحول دون تحقيق مشروعها المسمى "بالشرق الأوسط الجديد" الذي طالما سعت إلى تحقيقه، وبلغت ذروة العمل في الحرب العدوانية التي أقدمت عليها حكومة العدو الصهيوني في تموز عام 2006م، وفشلت هذه الحرب في تحقيق هذا الهدف، وتحقيق أهداف عدائية أخرى اعتمدتها، وتعتمدها، الإدارات الأمريكية السابقة والحالية؟
بالتأكيد تجد إدارة الرئيس أوباما، كما وجدت إدارة الرئيس جورج بوش الابن المبررات لتسويق نهجها وسياساتها القائمة على ضرورة تدخلها بادعاء إخراج المنطقة من مخاطر الإرهاب الذي تمثله "داعش" دون غيرها مع أن العصابات الإرهابية موجودة بمسميات مختلفة معتمدة على حشد عدد من الأنظمة العربية للمواجهة، إضافة إلى تدريب وتسليح ما تطلق عليه "بالمعارضة المعتدلة" في سورية بالتحديد، وكأن هناك إرهابياً معتدلاً وإرهابياً متطرفاً، أوليس هذا بالمنطق العجيب الغريب؟؟ لكنه منطق الإدارة الأمريكية.
لقد تزايدت في الآونة الأخيرة موجة العداء للولايات المتحدة الأمريكية بسبب سياساتها الخارجية المعادية للشعوب والداعمة للعصابات الإرهابية، وهي أدواتها في تحقيق أهدافها في العالم عامة والمنطقة المسماة بالشرق الأوسط خاصة، إذ أقدمت على شن حروب عدوانية على العراق ولبنان وسورية بشكل مباشر أو غير مباشر، كما دعمت الكيان الصهيوني في حروبه العدوانية ضد الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسورية بادعاء أنها تحارب الإرهاب في العراق وسورية، متجاهلة أنها كانت السبب في خلق هذا الإرهاب إثر احتلالها العراق عام 2003م، وكذلك الحرب على سورية عبر أدواتها في المنطقة من أنظمة وعصابات إرهابية، كما أقحمت الإدارات الأمريكية عامة وإدارة الرئيس أوباما حاضراً نفسها في العديد من المشكلات والأزمات في العالم بشكل عام وفي منطقتنا بشكل خاص وذلك بهدف الهيمنة والسيطرة وجعل العالم كله تحت تصرفها متجاهلة بروز الدور الروسي والصيني ومجموعة دول "شنغهاي" ودول البريكيس، مثلما تجاوزت الأصوات الكثيرة المعارضة في داخلها التي تحذر من مخاطر التورط الأمريكي في العديد من الدول، فقد تورطت في أفغانستان، وما زالت تعاني هناك، وكذلك تورطت في العراق وخرجت مهزومة، كما تورطت أيضاً عبر تدخلها في سورية ولبنان ومصر وفلسطين، ولم تحقق سوى الفشل، وها هي تحاول هذه الأيام التورط مرة أخرى في العراق وسورية، مستندة إلى اعتمادها على أنظمة عربية وعصابات إرهابية، ولا نبالغ عندما نقول: ( إن مصير تدخلها وحلفها الجديد سيكون الفشل بسبب السياسات الرعناء التي تنتهجها، فهي لا تريد الإجهاز على الإرهاب وإنما تختار عصابة بعينها، لتحجمها وليست لتقضي عليها، لأنها تجاوزت الحدود المرسومة لها، خاصة عندما بدأت بتهديد مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني في كردستان العراق، لوجود قاعدة استخبارية صهيونية- أمريكية تقوم بدور التجسس على البلدان المجاورة ).
وعندما نقول الفشل لأننا نعرف جيداً من تاريخ الولايات المتحدة نفسها ( أن غطرسة القوة الغاشمة لا تنجح في كسر إرادة الشعوب، وإن كانت قد نجحت في الخراب والقتل والتدمير)، لكننا نحتاج لكي نواجه المشروع الأمريكي إلى وحدة وطنية جامعة في كل قطر عربي، وذلك عبر مقاومة سياسة الإدارات الأمريكية الهادفة إلى تقسيم الشعب في العديد من أقطار الوطن طائفياً وعرقياً ومذهبياً ودينياً، مقاومة هذه السياسات بكل الوسائل، وفي مقدمتها نشر الوعي، واتباع الديمقراطية، وإطلاق الحريات المسؤولة للمواطنين، وتحقيق العدالة والمساواة بين أبناء الشعب الواحد، وكذلك نشر فكر وثقافة المقاومة كوسيلة رادعة ومقاومة لهذه المشروعات، كما نحتاج إلى التنسيق والتضامن والعمل العربي المشترك، ونشر الفكر القومي، والتمسك بالهوية القومية للأمة، وتغليب المصالح القومية على المصالح القطرية الضيقة.
نعود للتأكيد على أن الإدارة الأمريكية الحالية ترتكب الخطيئة نفسها التي ارتكبتها إدارة الرئيس جورج بوش، ومن سبقتها من الإدارات، إذ أوجدت العصابات الإرهابية لمواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، واستعانت أيضاً بأموال عربية ومقاتلين من أقطار عربية وإسلامية، فارتدت عليها، وأقدمت على أكبر عملية إرهابية في الحادي عشر من أيلول في قلب مدينة نيويورك.
وها هي العصابات الإرهابية التي استهدفت الدولة السورية يخرج بعضها عن الطاعة الأمريكية والأنظمة الداعمة مرة أخرى. |
|
|
|
|
|
|
 |