التاريخ : الجمعة 09 يونيو-حزيران 2023 : 11:10 مساءً
إبراهيم أحمد
طباعة المقال طباعة المقال
إبراهيم أحمد
الجذور الفكرية للهيمنة الأمريكية.. ووهم تفوق القوة
إسرائيل .. ترسانة أسلحة الدمار الشامل
الولايات المتحدة.. تاريخ من العنصرية ورعاية إرهاب الدولة

بحث

  
واشنطن وأنقرة وداعش.. تقاسم الأدوار
بقلم/ إبراهيم أحمد
نشر منذ: 8 سنوات و 7 أشهر و 23 يوماً
الأربعاء 15 أكتوبر-تشرين الأول 2014 10:19 ص


يثير التدخل الأمريكي المتأخر لضرب “داعش” التساؤل في العالم عن أسباب هذا التأخر ولماذا التركيز على “داعش” في العراق وسورية دون غيرها من الجماعات التكفيرية.

يمكن القول: إن التحرك الأمريكي يأتي ضمن استراتيجية أوسع نطاقاً عنوانها الأبرز استهداف وإضعاف قدرات تنظيم “داعش” وتدميره وترتكز على عدة نقاط منها القيام بحملة منظمة من الضربات الجوية ضد “داعش” بالعمل والتنسيق مع الحكومة العراقية وتشكيل ائتلاف دولي تلعب القوى الإقليمية دورها الحاسم فيه عبر خطوط متعددة من بينها:
-الدعم العسكري للعراقيين ووقف تدفق المقاتلين الأجانب ومجابهة تمويل تنظيم “داعش” وموارده المالية وكشف زيف دعاواه الدينية.
من جهتها لم تكن تركيا بحاجة إلى مزيد من الوقت لكي تكشف عن مطامعها وازدواجية سياساتها في الشرق الأوسط، وما مذكرة حكومة العدالة والتنمية التي وافق عليها برلمان أردوغان في الثاني من الشهر الجاري إلا مثال على سياسة التخبط والهروب إلى الأمام.
فالمذكرة تتيح للحكومة التركية أن ترسل قواتها إلى الخارج لمواجهة التهديدات، وتصريحات المسؤولين الأتراك تترجم مضمون التحرك التركي على أنه إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، وأن يتولى الجيش التركي بمفرده حمايتها، مثل هذا السيناريو يضع تركيا العدالة والتنمية في مصاف الدول المارقة التي تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى دون أي غطاء شرعي دولي.
وليس بغريب على أردوغان وحكومته سعيهم لإقامة المنطقة العازلة، ففي تشرين الأول 2007 صادق البرلمان التركي على تفويض قدمته الحكومة التركية للجيش بغية القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني، وقد تجدد هذه المرة أيضاً، ليس لمواجهة الكرستاني بل بذريعة مواجهة “داعش”، وبعد ذلك ليس مستبعداً اختلاق مبررات بالتنسيق مع «داعش» كأن تقوم الأخيرة باستهداف المدن التركية أو المناطق الحدودية التركية لتبرير اجتياح الجيش التركي الأراضي السورية بحجة ملاحقة مقاتلي “داعش”والحفاظ على الأمن والاستقرار في تركيا، على اعتبار أن أنقرة منخرطة في التحالف الدولي ضد داعش وصولاً لفرض وجود عسكري تركي داخل سورية، فالضغط على الناتو وأمريكا للموافقة على منطقة عازلة، كما حاولت تركيا أيضاً قبل مايزيد على سنتين ونصف السنة فرض مشروع المنطقة الآمنة العازلة على شاكلة المنطقة الأمنية الإسرائيلية في جنوب لبنان عام 1982 في شمال سورية، بحجة تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المناطق السورية المتاخمة للحدود بين البلدين، ومنع تسللهم للأراضي التركية، وسعت أنقرة لتمرير هذا المشروع عبر ما يسمى “بالمعارضة السورية” التي قامت بتظاهرات طالبت بإقامة المنطقة العازلة، ورفعت الأعلام التركية، لكن أنقرة فشلت في تأمين غطاء دولي لتحقيق ذلك.
وترى الحكومة التركية أن الأجواء الدولية الآن مواتية لجهة وجود تحالف دولي ضد “داعش”، ولذلك قدمت أنقرة الدعم اللوجستي لـ “داعش” في هجومها المباغت على مدينة عين العرب شمال سورية، وفي حال تحقق السعي التركي بإقامة منطقة عازلة فإن المناطق الغنية بالنفط والغاز ستصبح تحت سيطرة تركيا ولن تخرج تركيا من هذه المنطقة إلا بعد حصولها على أكبر قدر ممكن من المكاسب في مقابل ذلك، فإن الإدارة الأمريكية بردودها المتخبطة تؤكد أن ثمة تناغماً واضحاً بين واشنطن وأنقرة لصياغة التفاعلات الجيوبوليتيكة في المنطقة الأمر الذي يثير العديد من المخاوف التي بدأت تتراكم جراء الإشارات التي تؤكد تقاسم الأدوار بين الطرفين وتحديد مجالات النفوذ في الحملة ضد الإرهاب .
وإذا كان أردوغان يحلم باستعادة أراضي السلطنة العثمانية وأمجادها فإن طلبه إنشاء منطقة عازلة على الحدود السورية التركية يؤسس لوضع اللبنة الأولى لاستعادة كابوس مقيت عاشته المنطقة بأسرها لأكثر من 400 عام.
أما الدوافع التي تقف وراء أطماع تركيا المستجدة فيأتي في طليعتها رفض الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا إلى صفوفه، الأمر الذي أجبرأردوغان وحكومته على الالتفاف نحو المنطقة التي كانت ذات مرة ولايات تابعة للصدر الأعظم في الأستانة داعماً مشتقات «عصابة الإخوان المسلمين» من النصرة إلى “داعش” التي ترفع راياتها في عين العرب على بعد أمتار من الحدود التركية وعلى مرأى من تركيا الحالمة بسقوطها وحصول مجازر عرقية تدفع الدول أصحاب القرار بالموافقة على شرط أردوغان للتدخل العسكري في سورية مقدمة ربما لاجتياحها وانتزاع ما يظنه حصة من الكعكة السورية في مرحلة إعادة ترسيم حدود المنطقة وفق رؤية واشنطن.
في ضوء ذلك يمكن القول: إن السياسة التركية الخارجية لاتزال في تخبط مستمر وهي على مايبدو المتقوقعة خلف عدد لامتناه من المزاعم والشروط والمطالب، وهي المستمرة في لعب دور مزعوم واهمة نفسها أنها قوة إقليمية يحسب لها حساب، بينما هي في واقع الأمر لم ترتق حتى الآن إلى مستوى الأحداث ولم تستطع أن تثبت ولو للحظة واحدة مصداقيتها في أي شأن يخص جوارها، فهل هي الانتهازية أم هو انعكاس لإيمان بالعجز عن مجاراة الوقائع والتعاطي بديناميكية معها؟ أم أنه مشروع عثماني جديد يأتي ضمن مخطط استراتيجي تدخل أنقرة من بوابته كمنقذ طال انتظاره .
إن التعاطي التركي مع الأزمة وتطوراتها ومفرزاتها يثير تشكيك وريبة الكثيرين، وتركيا التي غرقت في مستنقع سياساتها ورهاناتها الخاطئة السابقة ليس هناك من دليل على أن نتائج خطوتها الحالية ستكون أفضل من سابقتها، فالمظاهرات تعم الداخل التركي، ودول الجوار لن تسمح لسلطان جائر بالتمدد ولن تكون أحلامه إلا مجرد أوهام.
تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى كتابات وأراء
كتابات وأراء
الرفيق /محمد محمد الزبيري
ثورة أكتوبرالحامل الطبيعي للوحده .. يحتفل شعبنا وقواه الوطنيه بالذكري
الرفيق /محمد محمد الزبيري
د/عبدالعزيز المقالح
هنيئاً لك الشهادة أيها الزميل العزيز
د/عبدالعزيز المقالح
بقلم /العميد عزيز راشد
السيناريو الصهيوني في مسخ الهوية العربية والاسلامية وعلاقتها بقناتي الجزيرة والعربية
بقلم /العميد عزيز راشد
نبيل الصعفاني
نريد حكومة من أجل اليمن وليس من أجلكم ؟!
نبيل الصعفاني
الرفيق/خالد السبئي
اليمن بمنعطف تاريخي أكثر خطورة...!
الرفيق/خالد السبئي
معن بشور
بقايا الماضي ... أم طلائع المستقبل (مهداة إلى أبطال المقاومة في ذكرى الانتصار على العدوان)
معن بشور
الـمـزيـد