|
|
|
|
|
المعاني الإنسانية لرسالة البعث الخالدة
بقلم/ عبد الحميد غانم
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 9 أيام الأحد 17 يوليو-تموز 2016 05:15 م
يؤمن حزب البعث العربي الاشتراكي منذ تأسيسه بالإنسانية وبأن للأمة العربية رسالة إنسانية، وقد اتخذ حزب البعث لنفسه شعاراً، وهو الشعار الذي عرفته به الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج :"
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"
لم يكن هذا الشعار وليد صدفة عشوائية، إذ أولت أدبيات الحزب اهتماماً رئيساً لمفهوم الرسالة الخالدة، التي وضعها مفكرو البعث في الوثيقة الرسمية الأولى للحزب، وهي دستور البعث، وأقرها المؤتمر القومي التأسيسي الأول للحزب، إذ خص حزب البعث (الرسالة الخالدة) في هذه الوثيقة التاريخية، وفي إحدى مبادئها الأساسية.
فقد جاء في
المبدأ الثالث من مبادئ وثيقة الدستور الأساسية (
رسالة الأمة العربية):
" الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ، وترمي إلى تجديد القيم الإنسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الأمم".
ولهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر أن:
1- الاستعمار وكل ما يمت إليه عمل إجرامي يكافحه العرب بجميع الوسائل الممكنة وهم يسعون ضمن إمكاناتهم المادية والمعنوية إلى مساعدة جميع الشعوب المناضلة في سبيل حريتها.
2- الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته، مشترك في قيمه وحضارته، فالعرب يتغذون من الحضارة العالمية ويغذونها ويمدون يد الإخاء إلى الأمم الأخرى ويتعاونون معها على إيجاد نظم عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام، والسمو في الخلق والروح.
لم يكن المقصود من الرسالة الخالدة أنّ العرب في الماضي والحاضر والمستقبل لديهم رسالة محددة خارج المكان والزمان، يبشرون بها ويدعون إليها، بل كانت هذه الرسالة تهدف بالدرجة الأولى إلى تلبية حاجات الحاضر وضروراته، والعمل على تجاوز التجزئة المصطنعة المفروضة على العرب، وتعني أنّ الوحدة التي تسعى إليها " الأمة العربية الواحدة" ، ليست وحدة جغرافية فقط، بل هي وحدة حضارية ثقافية روحية أيضاً. يتميز البعث في مسيرته أن منطلقه في النظرة الإنسانية توافقت مع نظرته القومية المتحررة من كل رق للتعصب والعنصرية، وأن عقيدته القومية لا تقبل المساومة مع العقلية الطائفية والانعزالية والانتهازية.
أما إضافة صفة الخالدة إلى رسالة البعث، فكانت ترمز إلى أنّ الأمة العربية التي حققت عبر تاريخها، ومنذ فجر التاريخ إنجازات تفخر بها الإنسانية جمعاء حتى اليوم، إنما هي أمة مستمرة في الحاضر، كما كانت سابقاً في التاريخ، ولا تزال هي هي في جوهرها، إنها الأمة التي استطاعت توحيد نفسها وتحقيق أعظم الإنجازات، وهي لا تزال تختزن في أعماقها القدرة على إعادة توحيد نفسها في بوتقة حضارية جغرافية ثقافية روحية موحدة؛ فخلود رسالة البعث من خلود معاني قيم البعث ومبادئه وديمومة عطاء تلك القيم التي تسمو بالعربي من وحل الإثنية والمناطقية إلى فضاء القومية العربية الحقيقية الحية في سماء البعث العربي الاشتراكي.
إن اعتبار البعث (الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته) انطلاقاً من أن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش وحيداً، بل بحاجة إلى المجتمع، كذلك حال الأقطار العربية لا يمكن لأي قطر أن يتقدم ويتطور وحيداً، بل تتقدم الأقطار مجتمعة. إنّ مفهوم الوحدة هنا، لا يمكن تحقيقه بلصق أجزاء الوطن العربي إلى جانب بعضها، بل هي عملية حضارية نهضوية عظيمة تبعث الطاقة الكامنة في أعماق هذه الأمة، لتعيد تبليغ رسالتها إلى العالم، عبر إبداعات وإنجازات جديدة ورائدة.
في ظل هذه المعطيات وجد البعث نفسه حاملاً لراية العروبة في مواجهة أعداء الأمة العربية من مستعمرين وإمبرياليين وصهاينة ورجعيين، وعلى هذة الوتيرة كان العداء شديداً والتآمر عليه قوياً ، ومع ذلك كان البعث على قدر كبير من المسؤولية في قيادته لمعركة المواجهة بكل جدارة واقتدار، فلم يتوان ولو للحظة بسيطة عن نصرة الأمة وقضاياها بدءاً بمقاومة المستعمر وطرده وفي حركات التحرر العربي، والدفاع عن فلسطين القضية المركزية وتقديم الشهداء تلو الشهداء في الحروب العربية مع الكيان الصهيوني ، ودعمه اللامحدود لفصائل المقاومة الفلسطينية والعربية،
في مسيرة البعث برزت الأهداف العليا التي حددها في الوحدة والحرية والاشتراكية في ضوء تطلعات الأمة العربية للبناء والنضال ومواكبة التقدم العلمي والتطور والحداثة في تجربة متميزة عن أسس علمية واقتصادية. وهذه المسيرة المظفرة للبعث خالدة بخلود رسالتها والمعاني السامية لقيمها الإنسانية التي أكد البعث عليها وجعلها منهاج سيره، وتكمن قوتها من قوة استلهام البعث لكل أمجاده والأمة ولكل طموحات مستقبلها وطاقاته.
بفضل كلّ ما تقدم، لا تزال هذه الأمة في جوهرها مستمرة في حاضرنا، حتى وإن فقدت اليوم شيئاً من روح المبادرة وبعض التجانس وروح الإبداع والابتكار، إلا أنها تتميز حتى اليوم بقدرتها على استعادة ثرواتها الحضارية العظيمة، عندما تعقد العزم على خلق مصيرها بنفسها، مهما كانت الصعاب، ومهما عظمت العراقيل.
ومن الضروري أن تعيد قواعد الحزب وقياداته النظر بين الحين والآخر بمسيرة الحزب لتمتحن عملها وأفكارها وشعاراتها ولترى بملء الرؤية إذا كانت لا تزال قريبة من الواقع ولا تزال تعبر فعلاً عن الأفكار والأهداف التي تجندت وقام الحزب على أساسها. |
|
|
|
|
|
|
 |