بمنصبها. والبادي أيضا أنها ترغب في المشاركةِ بشروطها، في إعادةِ الإعمارِ، وبالتالي الضغط على الحكومة من هذا الباب.
إن الالحاحَ الفرنسي على الحضور في الأزمة السورية يتناسبُ تماماً مع رغبةِ الدول الخليجية، وبخاصةٍ المملكة العربية السعودية التي كانت وما زالت تدعو لإسقاط حكومة الرئيس السوري غير عابئةٍ بالتطوّراتِ التي ما انفكّت تُشير إلى أن دمشق ربحت الحرب ، وأن أحداً في هذا العالم لا يستطيع إسقاط بشّار الأسد الذي صار عنواناً عريضاً لمحورٍ ما فتيء يتقدّم وما بَرِح خصومه يتراجعون.
إذا كان صحيحاً أن السياسة لا تنطوي على عداوات أو صداقات دائمة، فالصحيح أيضاً أن الانتقال من العداوة إلى الصداقة، يحتاج إلى زمنٍ أطول وإلى اعتذارٍ، وإعلان نوايا حسنة، وكلها عناوين لا مكان لها الآن في العلاقات السورية الفرنسية. أما إعادة الإعمار، فإنها كورقةِ اللاجئين محدودة التأثير على الحكومة السورية التي تمتلك خيارات صينية وآسيوية وحتى أوروبية.
ليست السياسة الفرنسية تجاه سوريا في أفضل أحوالها هذه الأيام. فالرئيس ترامب يعملُ مُنفرداً ويُخاصِم الأوروبيين وبالتالي لا جدوى من الاعتماد عليه في بلاد الشام. والسعودية غارقة في رمال اليمن وأصدقاء سوريا في إيران وموسكو لديهم أولويات لا مكان بارزاً فيها لدمج فرنسا في سياق حل للأزمة السورية. أما الأردن فهو أيضا يحتاج إلى التكيّف مع الوقائع السورية الجديدة لكن ليس من باب تحويل حدوده إلى منصّة ضاغِطة على الأسد، المُنتصر لتوّه على الطرف الآخر من الحدود. يفضي ما سبق إلى خلاصة مفادها أن كل الطُرق الفرنسية نحو دمشق مقطوعة إلى أجل غير مُسمَّى.
فيصل جلول – باحث لبناني مقيم في فرنسا