لا شك أن ما تمر به اليمن اليوم أشبه بحالة مخاض عسير ومؤلم لولادة يمن جديد يحمل مقومات الدولة المدنية وحقوق المواطنة التي حرم منها غالبية شعبنا ..كنا نعلم أن التغيير لن يكون سهلا وان حجم الطموحات المقبلة ستجبر الشعب لتقديم التضحيات تلو التضحيات للإنعتاق من نظام صالح الغير صالح ..وانه على قدر هذه الآمال الكبيرة ستكون قرابين التغيير اكبر ..
يقول صالح العائد من بلاد العم عبد الله انه قد سئم السلطة ولم يعد لديه مطمع بها وانه ينوي الرحيل نسي أن عقارب الساعة لن تعود للوراء وان ما كان يحظى به من بعض المصداقية عند البعض قد تحولت إلى تهكم واستنكار وسخرية لما يصرح به عبر فضائيته ولقد كان للقائه بمؤسسته العسكرية والأمنية أهمية كبرى من حيث ما تم طرحه خلالها من تصريحات ونوايا مبطنة سرعان ما ترجمت إلى أفعال جسدتها حمم القذائف على ساحة التغيير وأزيز الرصاص الذي حول ليل صنعاء إلى حفلة قتل مارستها تلك المؤسسة بحق الشعب .
لقد بشر صالح الشعب اليمني بـ ( يناير جديدة ) وبأحداث دامية لو أصر الشعب على حريته وكرامته و انه لا مفر أمامهم إلا الخنوع لمشيئته أو الرحيل في جنح الظلام خارج حدود الوطن ليحكم أرضا بلا شعب وبالنسبة لحكم صالح لا ضير لأنه كان يتعامل منذ بداية حكمه انه يحكم رعايا لا مواطنين عليهم واجبات ولا يستحقون أي حقوق لذلك لم يسجل عهد صالح أي منجزات تحسب للوطن والمواطنين حتى تحقيق الوحدة اليمنية لم تكن دوافعها حب الوطن بقدر ما كان حب التملك لذلك كنا نقول دائما أن علي صالح " وحدوي " لكن على طريقته , وربما الحق بالوحدة ضررا اكبر مما يمكن أن يكون قد حققه بها .فقد خلق بممارسته شرخا في الوحدة الوطنية لم تلتئم إلا بخروج الشباب بصوتهم الهادر المطالب بإرادة الشعب في أن يحيا بكرامة على أرضه دون تمييز بين هذا وذاك ..
علي صالح الذي تعود على المراوغة ولعب الأوراق اكتشف انه قد أفلس أمام هذا الجيل الجديد ولذلك تساقط بشكل سريع أمام تقدمهم على كل المستويات وكان تحرك الشباب السلمي كفيل بأن يقتلع هذا النظام من جذوره لولا طوق النجاة التي ألقيت إليه من شركائه الإقليميين والدوليين عبر ما سميت بالمبادرة الخليجية التي كانت بمثابة حقنة لإطالة عمر صالح فكلما أسرف هذا النظام في الفتك بأجساد المرابطين في ساحات التغيير تتعالى وتيرة الضغط الدولي حتى تأتي تلك الأصوات ذاتها بأنه يجب على صالح التوقيع على هذه المبادرة التي تمنحه حصانة كاملة من الملاحقة القضائية وتحمل المسؤولية عن جرائمه بحق الوطن والمواطنين ..
لقد تحولت هذا المبادرة إلى خنجر في جسد الشعب تحت شعارها يمارس القتل والتنكيل وانتهاك حقوق الإنسان دون أن يكون هناك من يتحمل مسؤولية هكذا ممارسات أو أن يكون صادقا في تحويل هذا المبادرة إلى واقع ملموس ينهي هذه الملهاة الدامية في اليمن لقد خلقت هذه المبادرة لتبقى مبادرة فبين إقرارها وتوقيع على صالح هوة كبيرة يعمل صالح على ردمها بجثث الشهداء كل يوم ..وخاصة بعد عودته من رحلة الاستشفاء الصحي " و السياسي " من الرياض ليعود منها بنية تعويض كل ما نزف من دمه في حادثة النهدين بدماء أكثر شبابا وحيوية من ساحة التغيير بعد أن فشلت كل عمليات التجميل في إعادة الدماء إلى عروقه .
ووسط صمت دولي لممارساته يسعى صالح لقلب الطاولة فوق رأس الجميع بإنقلابه حتى على مبادرته عبر نيته العزم على تشكيل مجلس حرب عسكري يقود حملته الشرسة ضد شباب التغيير للوي ذراع ثورة الشباب وتدجينها على غرار ثورة البحرين أيا كان ثمن هذه المغامرة ولا يتحمل صالح وحده نتائج هذه الكارثة التي تتهدد الوطن بل تتقاسمه بذلك أحزاب المعارضة التي طفت خلافات بعضهم إلى السطح وممارسة بعضهم التسلط والهيمنة على بعض ساحات التغيير مما شكل قلقا لمرحلة ما بعد صالح ومكابح أمام عجلة الثورة الشبابية في الوصول لأهدافها
علي صالح بآلته العسكرية يستفرد اليوم بشباب التغيير ويعمل فيهم جرحا وقتلا وتنكيلا ولا يزال البعض يعول على تدخل إنقاذي خارجي ينتشل اليمن من بركة الدماء التي أ ُغرقت بها ونحن نقول لهم ونقول للصامتين والمتواجدين في ميدان السبعين لن يغفر لكم التاريخ صمتكم فالصامت على هكذا أفعال شريك في قتل الأرواح وسفك الدماء ، ولن ينقذ اليمن بعد الله إلا شبابها وإرادتهم التي لن تلين .