التاريخ : الجمعة 09 يونيو-حزيران 2023 : 11:10 مساءً
صادق ناشر
طباعة المقال طباعة المقال
بحث

  
تعز لا تُذل يا علي
بقلم/ صادق ناشر
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و يومين
الإثنين 05 ديسمبر-كانون الأول 2011 07:06 م

إنهم يقتلون روح تعز.

بعد عشرة أشهر من دخولها معترك الثورة، يريد النظام ومن تبقى من أفراد أسرته، بمساعدة من بعض أبناء تعز، أن يقتلوا هذه الروح التي نمت في تعز ولا تزال هذه المدينة الصامدة تدفع ثمن شجاعتها.

ليست تعز تلك التي يمكن أن تكسر يا علي.

ليست تعز تلك التي تذل يا علي.

ليست تعز تلك التي يمكنها أن تركع لغير خالقها يا علي.

يخطئ من يعتقد أن إذلاله لتعز هو إذلال للثورة، لقد صمدت تعز طوال عشرة أشهر في وجه الطغاة وتستعد للصمود لسنوات طوال.

اليوم لم تعد تعز تلك المدينة التي يراهن عليها الأعداء في أن تبقى كما أريد لها في الماضي، مجرد محافظة ذهبية في انتخابات الزيف.

لم تعد ولن تعود تعز كما أراد لها الحاكم، مجرد صوت وإكمال لـ«الديكور الديمقراطي»، بل هي الثورة كلها.

تعز تقصف كل يوم.

تعز تدفع ثمناً لم تدفعه ولا تدفعه أية منطقة أخرى في اليمن منذ انطلاق الثورة وحتى اليوم.

تعز تدمر وتئن ومع ذلك صامدة وشامخة.

تعز تدفع ثمن خروج أبنائها الذين يرفضون الظلم الجاثم على صدورهم منذ 33 عاماً.

عندما تجمع ألفي ثائر في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي، اليوم الأول الذي اندلعت فيه شرارة الثورة والرغبة في التغيير في أحد شوارعها، لم يكن الكثير يعتقد أن هؤلاء الشباب الذين تحملوا البرد والقمع يمكن أن يكتبوا تأريخ ثورة، أما اليوم فإن تعز بأكملها، بشبابها ونسائها، بأطفالها وشيوخها، بعلمائها ومثقفيها، جميعهم يكتبون تأريخ اليمن الجديد.

ليست هناك مدينة عانت وتعاني مثل تعز، اليوم يجري القصف على تعز ليل نهار، لم ولا يحترم القتلة والعسكر المرابطين في القمم المرتفعة حتى أذان المساجد.

لم أجد دولة تسمح لجنودها بقصف مواطنيها وتذبحهم حتى أثناء الصلاة، لكأن هؤلاء الذين يقصفون بالمدفعية والصواريخ كفاراً لا يصلون، لكن كيف يصلون ومتى وأصوات القذائف تهطل على سكان المدينة كالمطر عندما يرتفع كل أذان.

لا ترحم قذائف الحرس الجمهوري التي يقودها النجل الأكبر للرئيس، منزوع الصلاحيات، منازل الناس وأرواحهم.

لا ترحم قوات الأمن المركزي التي يقودها نجل شقيق الرئيس، منزوع الصلاحيات، الأرواح الآمنة في بيوتها ومساكنها.

لا يرحم البلاطجة الذين يدعمون من أموال الدولة التي لا يزال الرئيس، منزوع الصلاحيات، يتحكم بها، أنين الأطفال الذين تفزعهم أصوات الانفجارات والقذائف كل ليلة.

لم يعد أطفال تعز ينامون كما ينام بقية أطفال العالم.

لقد عوّد الظالم سكان المدينة أن يناموا ويصحون على أزيز الرصاص والمدافع وأن لا يأمنوا لحماتهم الذين حولوا مهامهم من حماة وطن إلى حماة أسرة وقتل وطن.

أطفال تعز وشيوخها ينامون وهم لا يعلمون إن كان سيطلع عليهم فجراً أو يوماً جديداً أم لا.

تعز تدمر انتقاماً من دورها الريادي في الثورة، وأبناؤها تفتك بهم قذائف الحرس الجمهوري والأمن المركزي وهو الجيش الذي عليه حمايتهم لا قتلهم.

لم أعرف شراسة للجيش اليمني المغوار إلا عندما خرج الناس ليطالبوا بالتغيير.

لم أجد هذا الجيش العرمرم إلا مستكيناً ومستضعفاً عندما احتلت أراضيه عام 1997 من قبل دولة صغيرة هي اريتريا، حينها جنح الحاكم للسلم، وأنفق ملايين الدولارات ليعيد أرضاً احتلها أجنبي بعدما انتهك سيادته، حاله مثل حال أنظمة عربية أخرى لا تزال أراضيه محتلة، لكنه مستعد لنشر مئات الدبابات في الشوارع لقمع الناس وقتلهم، عندما يتعلق الأمر بالمواطن فإن «الهنجمة» لا تختفي ، فهي الحاضر الأكبر، لكنها للأسف «هنجمة» مقرونة بالدم والبارود.

تعز تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد.

واليوم تجد من أبنائها من يتنكر لها ويبرر ذبحها.

كل الأبواق التي تدافع عن قتل وذبح تعز هم من أبنائها، لكأن النظام يريد أن يؤكد أن أبناءها هم أعداؤها، لكن تعز وروح الثورة فيها تدرك جيداً أن هؤلاء ليسوا إلا مجرد غيارات وأوراق عديمة النفع، وسيأتي اليوم الذين سيدفعون فيه ثمن تبريرهم لقتل مدينتهم.

تعز اليوم تخرج إلى النور.

لن تسكت تعز بعد اليوم.

لن تركع تعز بعد اليوم يا علي.

لن تخضع تعز أبداً بعد اليوم لا لعلي ولا لغير علي.

تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى حديث الأقلام
حديث الأقلام
نبيل الصعفاني
الحصانة ... وقانون الغاب وحملة التحصين
نبيل الصعفاني
راكان بن حثلين
العرب يساعدون الغرب لتمزيق سورية
راكان بن حثلين
نبيل الصعفاني
اليمن .. قصة حصانة ؟!
نبيل الصعفاني
عبد السميع محمد
اليمن من نفق الحسم الثوري الى دهاليز المتاهة الخليجية
عبد السميع محمد
علي الظفيري
في اليمن تكمن الثورة الحقيقية
علي الظفيري
عادل حداد
حتى لا نعض أصابع الندم
عادل حداد
الـمـزيـد