التاريخ : الإثنين 29 مايو 2023 : 05:56 مساءً
بشار أحمد نرش
طباعة المقال طباعة المقال
بحث

  
الأطماع الإسرائيلية في الحوض الشرقي للمتوسط
بقلم/ بشار أحمد نرش
نشر منذ: 10 سنوات و 10 أشهر و 20 يوماً
السبت 07 يوليو-تموز 2012 07:45 م

يعد اكتشاف النفط والغاز في منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط من بين أهم الاكتشافات المسجلة خلال السنوات العشر الماضية، إذ قدرت أحجام هذه المكتشفات، حسب دراسات المؤسسة العامة للمسح الجيولوجي في الولايات المتحدة، بحوالي 122 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وحوالي 107 مليارات برميل من النفط الخام، وقد أثارت هذه الاكتشافات أطماع الكيان الصهيوني وحركت غرائزه لنهب ثروات هذه المنطقة، والتي تصاعدت بعد التطورات العديدة التي شهدتها الساحة الاقليمية.
فمع توالي هذه الاكتشافات في الحوض الشرقي للمتوسط بدءاً بحقل (تامار) للغاز، قبالة سواحل فلسطين المحتلة، والذي قدرت احتياطاته بما يقارب 240 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، مروراً بحوض (لفياثان) للغاز الذي يقابل غالبية البلدان المشرفة على الحوض الشرقي للمتوسط،، وتقدر احتياطاته بحوالي 450 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وحوالي 7ر1 مليار برميل من النفط الخام، وحقل (أفروديت) الذي يقع في المياه الاقتصادية القبرصية، وتقدر احتياطاته بحوالي 670 تريليون قدم مكعب، وحقل (بيناكل) الذي تقدر احتياطاته24ر4 ملايين متر مكعب من الغاز والذي شرعت «إسرائيل» باستغلال ثرواته في حزيران 2012 وليس انتهاء بحقلي(تنين) للغاز، والذي يقع بين حقلي (لفياثان وتامار) وحقل(شمشون) الذي يقع شمال مدينة دمياط المصرية، والذي تقدر احتياطاته بقرابة 100 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، سعت «إسرائيل» إلى وضع يدها على هذه الثروات التابعة للدول الأخرى في المنطقة، مستغلة وجود خلافات حول ترسيم الحدود البحرية بين دول الحوض، وخصوصاً بعد إلغاء مصر (مابعد الثورة)، اتفاقية الغاز التي كانت تزود «إسرائيل» بحوالي 7 مليارات متر مكعب من الغاز المصري سنوياً، وبأسعار تقل عن الأسعار العالمية بمقدار النصف (كان الغاز المصري يؤمن حوالي 43 بالمئة من احتياجات إسرائيل).
فبعد اغتصاب إسرائيل لثروات السلطة الفلسطينية من النفط والغاز في سواحل قطاع غزة على المتوسط، وتحديداً بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008، والذي كان سببه الرئيسي، حسب تأكيد الدكتورمايكل تشودوفسكي أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية، تأمين احتياجات إسرائيل من الغاز الطبيعي الموجود بكميات ضخمة في مواجهة سواحل قطاع غزة، تسعى إسرائيل إلى السطو على ثروات بقية الدول المطلة على الحوض، وخصوصاً ثروات لبنان النفطية والغازية.
وتحقيقاً لهذا الهدف، قدمت إسرائيل للأمم المتحدة في تموز 2011، ترسيمها لما تعتبره حدودها البحرية الشمالية مع لبنان، (بعد الاتفاق بينها وبين قبرص على ترسيم الحدود)، وخريطة هذا الترسيم التي أقرها مجلس الوزراء الإسرائيلي، فيها تجاوز واضح على حقوق لبنان، وتعدٍّ صارخ على مياهه الإقليمية، حيث دفعت إسرائيل نقطة العلامة الحدودية البحرية مع لبنان عند نقطة التقاطع تلك 15 كيلو متراً باتجاه الشمال، مما جعلها تقضم مساحة تزيد عن 850 كيلو متراً مربعاً من المنطقة البحرية اللبنانية فيها من الثروات النفطية والغازية الكثير، وهو ما أثار اعتراض لبنان الذي كان قد قدم إلى الأمم المتحدة في آب 2010 خرائط بحرية للخط الجنوبي لمياهه، حسب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، طالباً تثبيتها لتأكيد ملكيته لتلك المنطقة المتنازع عيها، الأمر الذي ترفضه إسرائيل، المعتمدة على قوتها العسكرية، وعلى تأييد غير خفي من الولايات المتحدة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر أن الخط الحدودي مع إسرائيل، الذي ضمنه لبنان في تلك الخرائط، يناقض أيضاً الخط الحدودي الذي تضمنته الاتفاقية البحرية التي وقعتها إسرائيل مع قبرص، بل حتى مع الاتفاقية التي وقعها لبنان مع قبرص عام 2007، وبالتالي فإن ما تريد إسرائيل ضمه لها، هو امتداد لمياه لبنان الإقليمية، وهو ما يجعل من مسألة الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية، مسألة معقدة قد تفضي إلى مشاكل عديدة، خاصة في ظل عدم توقيع إسرائيل على اتفاقية قانون البحار لعام 1982، واعتبارها غير ملزمة لها، وأن البديل لها دخول لبنان في مفاوضات مباشرة معها للوصول إلى صيغة معينة حول ترسيم الحدود، وهذا ما يرفضه لبنان، ليبقى الصراع مفتوحاً على خيارين، يتمحور الأول حول الصراع السياسي- الدبلوماسي والقانوني، وفي هذا الوضع يكون لبنان هو الرابح، خاصة وأنه يفترض بالأمم المتحدة أن تعتمد قانون البحار للحكم في أي صراع أو نزاع، في حين يتمحور الثاني حول الصراع العسكري والذي سيكون مرجحاً في حال استمرار إسرائيل في ممارسة سياسة غطرسة القوة، وقيامها باحتلال منابع الغاز ونصب منصات التنقيب في المنطقة الاقتصادية اللبنانية، ليكون من حق لبنان الدفاع عن أرضه ومياهه وثرواته الطبيعية بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، والتي يتقدمها سلاح المقاومة التي حذر زعيمها السيد حسن نصر الله الإسرائيلي من مد يده إلى هذه المنطقة، والقيام بأي أعمال تؤدي إلى سرقة ثروات لبنان من مياهه، وأن منشآته ستمس في حال مس الإسرائيلي منشآت لبنان المستقبلية للنفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.
ولذلك فإن إسرائيل لا تميل إلى هذا الخيار لأن أي نزاع عسكري حول آبار الغاز والنفط، سيعطل عمل الشركات العاملة في البحر، أياً كانت هويتها، وسيطيح بكل الآمال التي تعول عليها إسرائيل في استغلال الثروة الغازية المكتشفة لتحل مشكلات احتياجاتها القصوى لهذه المادة، بعد أن انقطع مورد الغاز المصري شبه المجاني بعد الثورة.
بالمحصلة يمكن القول: إن الطاقة المكتشفة في الحوض الشرقي للمتوسط ستكون عاملاً حاسماً في تكوين المستقبل الجيوسياسي للمنطقة بأكملها، والتي ستظل مضطربة وغير مستقرة في ظل استمرار القرصنة الإسرائيلية.
تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى كتابات وأراء
كتابات وأراء
طه العامري
العامري :المجموعات الارهابية المسلحة فى سورية تزيد جرائمها لتسوقها قنوات الفتنة قبل كل اجتماع فى مجلس الامن
طه العامري
د .عبد اللطيف عمران
الرجعية في الطور الإمبريالي
د .عبد اللطيف عمران
د. غازي حسين
الاحياء والمستعمرات اليهودية في القدس غير شرعية وباطلة
د. غازي حسين
د. غازي حسين
مصير الاحتلال والاستعمار الاستيطاني إلى زوال
د. غازي حسين
صلاح السقلدي
على عتبات أمير النفط.. فضيحة بجلاجل
صلاح السقلدي
المحررالسياسي لموقع السبئي
عملاً بفتاوى فقهاء الجزيرة حملة تبرعات.. سعودية كدعم الفتنة والإقتتال بسورية
المحررالسياسي لموقع السبئي
الـمـزيـد