" ناشطون:20 قتيلا في غارة جوية استهدفت مخبزا في مدينة حلب بسوريا " الجزيرة موبايل
***
نفسي أعرف ماهي حكاية الجزيرة و المخابز الحلبية ..
هذه هي المرة الثالثة التي توافينا الجزيرة فيها بخبر استهداف مخبز في حلب .. المرة الأولى قصف مخبز و مقتل 200 و جرح العشرات و المرة الثانية قصف مخبز و مقتل 100 و جرح العشرات و المرة الثالثة في الخبر أعلاه .. و المصدر نفسه " ناشطون " لا تعرف من هم هؤلاء الناشطون و ما مدى موثوقية ما يقولون .. يذكرك هذا الاستغباء بالسلفيين حين يجعلون من عبارة " قال احد السلف الصالح " دليلا قاطعا و يريدونك أن تتبع ما قاله هذا الـ " احد السلف الصالح " - الذي لا تعرفه طبعا و لا ينبغي لك السؤال عنه ولا التشكيك في مصداقيته بل عليك أن تؤمن بروايته حتى و إن كان ما يرويه هذا المجهول يناقض القرآن الكريم .
***
الجزيرة التي كادت أن تصبح المصدر المسلم به و الذي لا نقاش في ما يصدر عنها .. تصل إلى هذا المستوى من الإفلاس في زمن قياسي و تسقط بشكل مدوي و ملفت .. ثورة البحرين التي ليس بينها و بين الانتهاكات الصارخة و الجرائم اليومية و القمع المنظم على يد القوات السعودية لم تستطع الجزيرة رؤيتها و لم تصلها أخبار الناشطين و لا مقاطع الفيديو و لا الصور الواضحة الجلية التي لا غبار و لا تشويش فيها .. بينما ترى و تسمع حتى دبيب النملة في سوريا أو بالأصح تخلق الأخبار خلقا أو - لنقل بمبدأ حسن الظن - أنها تنشر أي شيء يصلها من سوريا حتى و لو كان المصدر رؤيا ..
***
لم تكن الجزيرة تباهي القنوات الأخرى إلا بمهنيتها التي هي انعكاس لأداء كبار الإعلاميين أصحاب السمعة المهنية العالية و الحس الصحفي و الفكري المتحرر ، و لم تكن لتكسب شهرتها بالمال القطري و لا النفوذ الأمريكي ..
***
غير أنها لم تستوعب ذلك حين تركت تلك الكوادر و الأسماء اللامعة تغادر شاشتها و مكاتبها ، و لعل مغادرة الصحفي و المفكر الكبير محمد حسنين هيكل رغم أنها قاصمة لم توقظها بعد من سكرتها القديمة .
***
قد يكون هذا الخبر " قصف المخابز " أنموذجا صغيرا الذي يعري افلاس مخبزها الإعلامي ، يعكس المستوى الهابط الذي آلت إليه الجزيرة أداء و أمانة و موثوقية ، بعد كل تلك الهالة التي كانت تحيط بها و بعد المكانة التي جلست فيها لسنوات تنطفيء وتهوي بسرعة قياسية لتصبح في وعي المتلقي واحدة من أسوأ القنوات الإخبارية الموجهة ليس أكثر ،
***
لم يعد هناك فرق بين الجزيرة و العربية مثلا ، بل إن العربية تتميز عنها بكونها واضحة التوجه و المشروع و تمارس أجنداتها بكل شفافية بخلاف الجزيرة التي لا تزال مصرة على مواصلة استغفال الوعي العربي و استغباء العقول ،
***
يبدو أن شعاراتها الوردية و فلاشاتها الثورية و برامجها التحررية التي كانت تشعل التفاعل الشعبي العربي مع الثورات لم تشعل شيئا في وعي و إدراك من يقفون خلفها الذين لم يفهموا بعد أن الشارع العربي و الوعي العربي خرج من القمقم و لم تعد تنطلي عليه الفبركات و المغالطات .