التاريخ : الأربعاء 22 مارس - آذار 2023 : 05:04 مساءً
محمد العمر
طباعة المقال طباعة المقال
بحث

  
نكبة فلسطين والفكر العربي المعاصر
بقلم/ محمد العمر
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 11 يوماً
الخميس 07 فبراير-شباط 2013 04:37 م

المسجد الاقصى وخطر تهويد القدس

على ضوء انشغال المجتمع العربي بظروفه الخاصة من احداث وصراعات داخلية ،تتصاعد الصيحات والنداءات اليوم من أن المسجد الأقصى المبارك يمكن ان يواجه خطر انهياره بين لحظة وأخرى بفعل ظواهر جيولوجية طبيعية أو صناعية نتيجة أعمال الحفريات التي ينفذها الاحتلال تحت أساسات المسجد ، وما الانهيارات التي حدثت في إحد الشوارع الرئيسة بحي سلوان وغيرها إلا مؤشراً واضحاً على بدء تأثر المنطقة بالعوامل الجيولوجية الطبيعية أو الصناعية . ففي وضح النهار،وعلى مرأى ومسمع من العالمين العربي والإسلامي تحدث هنا وهناك انهيارات عدة في شوارع وأبنية ومدارس القدس العربية المحتلة، والسبب تلك الأنفاق التي تنخر باطن الأرض بأيد صهيونية حاقدة تنكرها إسرائيل على الدوام، لكن ليس بأيديها فقط، بل بالأحماض الكيماوية التي تفتت الصخور، وتشير المعلومات إلى أن تلك الأنفاق والحفريات تمتد من سلوان، وتصل إلى أسفل ومحيط المسجد الأقصى المبارك، ويقوم بها كيان الاحتلال بوتيرة متسارعة من أجل ربطها بعضها ببعض، لتصل إلى البلدة القديمة بالقدس، وإلى أسفل المسجد الأقصى، ومحيطه القريب، بالإضافة إلى تسريع وتصعيد موجةالاستيطان، والتهويد في سلوان، وفي محيط المسجد الأقصى، مما يؤدي إلى تهويد الأرض من فوق، ومن تحت، ناهيك عن محاولات الاحتلال تطويق المسجد الأقصى بالحدائق التوراتية التلمودية من جهة، وبالكنس اليهودية من جهة أخرى، والهدف الرئيسي من ذلك كله تهويد محيط الأقصى، ومحاولة لبناء هيكل أسطوري مزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك.فمنطقة سلوان على وجه التحديد، شهدت أكبر مكان لأعمال الهدم والتجريف التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في محيط المسجد الأقصى المبارك، وإسرائيل كانت تنكر وتدعي عدم صحة الأنباء التي تؤكد على وجود الحفريات، لكن جاءت هذه التصدعات والانهيارات لتثبت كذب كيان الاحتلال، وتؤكد أن أعمال الحفر موجودة، ومستمرة في كل الأوقات.وعلى سبيل المثال تقوم إسرائيل بأعمال حفر، وبنقل الحجارة التي تعتبر من آثار القصور الأموية إلى أماكن مجهولة، خصوصية وحساسية هذا الموقع الملاصق تمامًا للجدار الجنوبي للمصلى المرواني، أي الجهة الجنوبية الشرقية للحرم الشريف.

حسم مصير القدس اولوية صهيونية
نظرا لتسارع الاحداث وما شهده المسجد الأقصى من اقتحامات وانتهاكات بحق الفلسطينيين خلال الأيام القليلة الماضية، وعلى الترتيبات النهائية لمسار "التسوية" المزعوم، الذي تريد حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة فرضه على الفلسطينيين والعرب والمسلمين لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية عبر حلول أحادية الجانب، عاد تأكيد هدف حسم مصير القدس كأولوية لدى المجتمع السياسي الصهيوني لاسيما منذ تشكيل تلك الحكومة ووصولها إلى سدة الحكم في مارس من العام الماضي، حيث تسارعت وتيرة "تهويد" المدينة على كافة الأصعدة وأصبحت فكرة خلق "أورشليم" بشكلها النهائيّ تتصدّر لائحة أولويات الحكومة الإسرائيلية في المرحلة الراهنة.والمتابع للسياسة الإسرائيلية يلحظ أن حكومة نتنياهو تعتمد أربعة مسارات متوازية ومتزامنة لتنفيذ استراتيجية "تهويد" القدس، تتلخص في عناوين: الهوية ببعديها الديني والثقافي، والجغرافيا، والديموغرافيا، إضافة إلى المسار الإجرائي بتنويعاته الاقتصادية والتشريعية والإعلامية. ويبقى الصراع على هوية القدس هو لب استراتيجية "التهويد" في العقلية الصهيونية التي تمثلها عن جدارة الحكومة المتطرفة الحالية بزعامة نتنياهو، والتي تسعى إلى حسم ذلك الصراع بين "القدس" العربية الإسلامية من جهة، و"أورشليم" العبرية اليهودية المزعومة من جهة أخرى، وذلك عبر سياقين أساسيين يتقاطعان ويتكاملان من الناحية العملية، يتعلق أولهما بالهوية "الدينية" للمدينة، بينما يتعلق السياق الثاني بالهوية "الثقافية" لها. وتهدف إسرائيل في هذا الإطار إلى تحويل هوية القدس العربية الإسلامية "دينًا" و"ثقافة" إلى هوية أخرى بديلة يهودية "الديانة" عبرية "الثقافة"، ربما تتجلى في كلمة واحدة هي "أورشليم". ولتحقيق هذا الهدف تستخدم إسرائيل وسائل وأساليب عدة، ربما تكون قد زادت من كثافتها وحِدّتها في ظل الحكومة الحالية وذلك نظرا لانها إلى كونها حكومة "جديدة" لم يمر على توليها سدة الحكم سوى عام واحد

تأكيد على هدف ممنهج
ثبت للجميع أن الحقد الصهيوني الممارس على المدينة المقدسة قديم الذي يتجلى في مظاهر عديدة أخرها تعمد الحاخامية العسكرية الإسرائيلية إخفاء قبة الصخرة من صور ساحة البراق (الحرم القدسي الشريف) وفي ذلك إشارة إلى نية إسرائيل تغيير ملامح القدس ورموزها الدينية الشامخة منذ عصور طويلة .لاشك أن المخطط الإسرائيلي لتهويد القدس مدروس بدقة وعناية ولن ينتهي عند حد معين رغم الخطط الموضوعة والمنجزة والتي تنفذ يومياً على الأرض ، والتي تهدف إلى زيادة عدد اليهود فيها إلى مليون نسمة وزيادة عدد الوحدات الاستيطانية إلى 130 ألف وحدة.ولعل المراقب للأحداث يرى كيف أن وتيرة التهويد والطرد والمصادرة وسحب الهويا تتتسارع بشكل غير مسبوق و يمكن الاستدلال عليها من خلال قيام حكومة بنيامين نتنياهوفي عام 2011 بمصادرة 3200 دونم، وهدم 72 منزلا، وتسليم إخطارات إزالة لأكثر من135منزلا وكل ذلك يأتي في سياق السياسة التهويدية للقدس . الخطورة هنا لا تقتصر على مصادرة الأراضي وهدم المنازل، والبناء الاستيطاني على تلك الأراضي وحسب، إنما أيضًا في عزل السكان المقدسيين عن مدينتهم بسبب بناء جدار الفصل العنصري الذي تسبب في عزل عشرات الآلاف منهم، إلى جانب سحب الإقامة الدائمة من آلاف آخرين، وتحويل أحياء عربية بكاملها إلى ما يسمى بالحدائق التوراتية على نحو ما تم مؤخرا في حي البستان جنوب المسجد الأقصى المبارك الذي صدر قرار الاحتلال الإسرائيلي بتحويله إلى حديقة توراتية على أنقاض مائة منزل يقطنه 1500 مواطن فلسطيني.ربما تلك الأرقام لا تعكس بمفردها حجم الحقد والعنصرية، لأن إسرائيل تخفي ما هو أكثر من تفريغ القدس من سكانها العرب، وطمس وسرقة معالمها التراثية والأثرية، وهو ما عبرت عنه الحاخامية العسكرية الإسرائيلية مؤخرا لجنودها عشية احتفال ظهرت فيه صورة ساحة البراق دون قبة الصخرة.لا ريب أن ذلك يكشف بجلاء عن النوايا والمساعي الإسرائيلية تجاه المعالم الإسلامية في المدينة، الهادفة إلى محوها، وذلك بعد محاولتها هدم جسر المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى ثم إرجائها عملية الهدم لبعض الوقت ريثما تتضح الأجواء الملائمة لها .

انتهاكات ملحوظة

تأتي هذه الانتهاكات في ظل التصاعد الملحوظ لعمليات الاقتحام والاعتداءات من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية،لتمارس وبشكل متواصل وممنهج، سياسة محاصرة المراكز السكنية في القدس بأطواق استيطان لتحقيق أهدافه السياسية بتغيير الهوية العربية للمدينة، وخلق واقع جيوسياسي جديد للسيطرة على الأرض والتحكم بالتطور والنمو السكاني في أنحاء المدينة، وبهدف تحقيق ذلك يقوم الكيان العنصري بشكل متزايد بانتهاك جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، شملت حرية العبادة والمساس بالمقدسات، ومنع النشاطات والفعاليات المدنية، وإغلاق المؤسسات ومصادرة أراضي المقدسيين وكثف عمليات الاستيطان، وانتهك حرية الأفراد العامة.
ويبدو واضحاً أن الحرب اليوم هي ضد الأقصى والقدس التي ما هي إلا حرب دينية حضارية، أثرية، تاريخية، جغرافية، تعليمية، اجتماعية، أخلاقية، أو بمعنى آخر حرب شاملة وشرسة، وهذا الاحتلال الذي يزعم احترامه لحرية العبادة يمنع المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى مقدساتهم وإقامة شعائرهم الدينية، كما يقوم الاحتلال وعبر أجهزة مخابراته بتدمير المحتوي الاجتماعي للمدينة المقدسة، كما تعمل جماعاتهم المتطرفة من المستوطنين علي تدنيس المسجد الأقصى من خلال محاولاتها المس به، والسيطرة عليه حيث حصلت بعض الجماعات اليهودية على موافقة من قبل المحكمة العليا في إسرائيل للصلاة داخل المسجد الأقصى، لكن هذه الموافقة ربطت بموافقة الجانب ألامني الإسرائيلي، وهو بحد ذاته أمر خطير له دلالالت على ارض الواقع تدعي للقلق على مصير المسجد الاقصى والمنطقة المحاذية لها..

إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتحمل المسؤولية تجاه أيّ تداعيات تتسبّب بها التهديدات العدوانية التي تطلقها جماعات إسرائيلية متطرّفة تجاه المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف، طبقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حيث يتحمل مجلس الأمن الدولي، كافة المسؤوليات التي تقع على عاتقه، ويجب التحرك فورا واتّخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة، وهنا لا بد من المجتمع الدولي التعامل الجاد إزاء التهديدات العدوانية المتواصلة التي تتبناها جماعات إسرائيلية متطرّفة ضد المسجد الأقصى المبارك، لما تمثّله تلك التهديدات من خطورة بالغة بالمساس بأحد أهمّ المقدسات الإسلامية، وما ستشكّله تلك التهديدات من عقبات في مسيرة السلم على المستوى الإقليمي والدولي، واستثارة مشاعر الشعوب العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم.

 فأكبر مخطط يستهدف مدينة القدس تمارسه الآن العصابات الإسرائيلية حيث الأخطار التي تحدق بالمسجد الأقصى ومحاولة السيطرة عليه من قبل إسرائيل، تهويداً لمدينة القدس. ولمواجهة المخاطر التي تلحق بمدينة القدس اليوم لا بد من وقفة جماعية وجهود مشتركة لحماية المدينة من الأخطار والمخططات التي تستهدفها، وهناك حاجة وطنية ملحة لإعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية العاملة بالقدس وإعادة الحيوية لها وضخ دماء جديدة فيها، ولا يجوز أن تبقى المدينة على حالها، مغيبة عربياً وإسلامياً دون أن تتحمل الدول العربية والإسلامية المسؤولية تجاه ما تعانيه المدينة من مخاطر تستهدف الوجود الفلسطيني فيها ودون أن تتحمل أي جهة المسؤوليات تجاه المدينة المقدسة التي تئن تحت سطوة الاحتلال وسياسته العنصرية.

المعركة الكبرى

إن معركة القدس هي المعركة الكبرى، والقدس أكبر من الجميع و لا يمكن لمن كان أن يتجاهل المدينة المقدسة و نحن بحاجة إلى تجميع الجهود وتوحيد الطاقات لدعم الصمود الفلسطيني بالقدس والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، من أجل الحيلولة دون تسريب أية ممتلكات مقدسية لأيدي المحتلين، ومحاربة جدار الضم والفصل العنصري، الذي تقيمه إسرائيل في عمق الأراضي الفلسطينية، والعمل عل السماح للمواطنين بالوصول إلى القدس.

والمسؤولية بهذا المجال تقع علي عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية، فيجب دعم صمود أبناء شعبنا ومؤسساتنا العاملة بالقدس لتوحيد الإمكانيات في مواجهة سياسة الاحتلال التصفوية والتي تستهدف تهويد المدينة واتخاذ موقف عربي وإسلامي جاد وحازم، للحفاظ على عروبة وإسلامية القدس والأقصى.

تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى قضايا فكرية
قضايا فكرية
عادل حداد
رؤية من أجل الوطن
عادل حداد
توفيق الحميري
منبّه من منبّه
توفيق الحميري
إبراهيم أحمد
الولايات المتحدة.. تاريخ من العنصرية ورعاية إرهاب الدولة
إبراهيم أحمد
محمد المقالح
ثلاثة شروط فقط لقبول وصولهم الى السلطة !
محمد المقالح
المحامي محمد احمد الروسان
ما يجري في سورية ليس نزاعاً سياسياً بين طرفين أيّها الأبراهيمي! بل هو غزو همجيّ نازيّ صارخ!
المحامي محمد احمد الروسان
د/فؤاد دبور
استهداف الهوية العربية
د/فؤاد دبور
الـمـزيـد