|
|
|
|
|
ثقافة الوعي القومي العربي
بقلم/ د. فاروق اسليم
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 14 يوماً الأربعاء 23 ديسمبر-كانون الأول 2009 07:58 م
ثمة حاجة عربية شديدة لوعي قومي لواقع الثقافة العربية الآن، ثم لنشر ثقافة الوعي بالأخطار المحدقة بالأمة، من أجل التمكين للثقافة العربية في حقيقتها المعبّرة عن وحدة العرب وهويتهم ومشروعهم القومي الواجب عليهم العمل لتحقيقه. وهو وعي تُسهم في تحقيقه على نحو صائب قراءة الأمة لتاريخها، ولحاضرها المعيش من أجل صنع تاريخها القادم، وهي قراءة ينبغي أن تُقرّ بتنوّع ثقافة الأمة في دائرة وحدتها تبعاً لتعدّد المجالات الإقليمية، وتنوّع الإرث التاريخي، وتباين المستوى الحضاري من ناحية ثانية.
إن مقاربة وعينا الثقافي للصواب تُسهم كثيراً في رسم المعالم العربية الكبرى لما يجب أن يكون، وما يجب أن يقدّم، وما يجب أن يؤخّر، وما يمكن له أن يتماشى وغيره، وما يجب أن يُعرّى، ويدفع بعيداً عن مجالات الحياة، كما أن وعي الأمة العربية لأهمية ثقافتها يؤثر في تهيئة الظروف المناسبة لصنع التاريخ وفق الخيارات الاستراتيجية الكبرى للتحرير وللتنمية الشاملة.
أما التحديات الثقافية العربية المعاصرة فتكمن أساساً في الموقف من الفكر القومي العربي ومن المصير العربي المشترك، ولذلك مفردات كثيرة، يمكن إجمالها في وعينا لقضايا المقاومة والاحتلال، والوحدة في الدائرة الوطنية، والوحدة والتضامن في الدائرتين: القومية العربية، والإسلامية، إضافة إلى التمكين للغة العربية لتكون لغة الحياة، والتعاون العربي المشترك من أجل التنمية الشاملة.
والمواقف من القضايا السابقة مرتبطة كثيراً بالوعي الثقافي للأواصر العربية المشتركة التي تؤكد على الوحدة في دائرة التنوّع الإقليمي الواسع أحياناً، والقطري الضيّق في بعض الأحايين، ومن ثم تبرز الحاجة العربية الشديدة إلى تنمية هذا النمط من الوعي، وإلى تعميمه عربياً على نحو فاعل ومؤثر في الحياة، ولا سيما في صنع القرارات السياسية المتصلة بالسيادة والتحرير والتنمية.
إن صنع الوعي الثقافي القومي العربي وتنميته وتوسيع دائرة انتشاره هو عمل سياسي حكومي رسمي في المقام الأول، وهو في الوقت نفسه عمل مجتمعي مدني، تنهض به المؤسسات المعنية بالفكر والثقافة والأدب، ومَنْ يقرأ خارطة الشأن الثقافي العربي يلحظ حراكاً واسعاً في هذا المجال، كما يلحظ تناغماً بين مستوى ثقافة الوعي القومي وطبيعة المواقف السياسية من القضايا المشار إليها آنفاً، فالثقافة العربية الموحدة للأمة لها في الجمهورية العربية السورية، موقع الصدارة والتقدّم في الدستور وفي ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، وفي أعمال الحكومة، ولاسيما وزارات الثقافة والإعلام، والتعليم العالي والبحث العلمي، إضافة إلى المؤسسات غير الحكومية، وفي مقدمتها اتحاد الكتّاب العرب الذي يسهم بدور رائد وفاعل في حشد القوى الثقافية العربية من أجل دعم المقاومة وممانعة التطبيع مع العدو الصهيوني.
ومن المؤكد أن لطبيعة الوعي القومي السياسي خاصة والمجتمعي المدني عامة أثراً بارزاً في مواقف سورية التاريخية من القضايا القومية العربية، وهو أمرٌ بارز في تاريخها المعاصر، ويؤكد ذلك أن العرب هم الذين قالوا عن دمشق: إنها قلب العروبة النابض، وأن دمشق اليوم هي عاصمة الممانعة وعاصمة الدعم للمقاومة، مثلما هي عاصمة للثقافة العربية المقاومة، كما وصفها السيد الرئيس بشار الأسد: الثقافة التي تصنع التفاؤل، وتأبى أن نكون ممراً للفوضى الهدّامة.
إن نشر ثقافة وعينا للواقع العربي وتحدياته وخياراته منوط بالأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية، ولا سيما الجامعات ومراكز الدراسات الاستراتيجية واتحادات الأدباء والكتّاب، وهي مدعوة دائماً إلى تجديد مضامين الخطاب القومي العربي، ووسائل التواصل لتوسيع دوائر انتشاره، لكونه مؤثّراً جداً في تحصين الذات العربية، وتمكينها من تحديد خياراتها، وزيادة فاعلية إنجازها الحضاري من أجل مستقبل عربي أفضل ثقافة وعلماً وكرامة إنسانية.
|
|
|
|
|
|
|
 |