التاريخ : الثلاثاء 06 يونيو-حزيران 2023 : 05:56 مساءً
يوسف سامي اليوسف
طباعة المقال طباعة المقال
بحث

  
الشعر الجاهلي والنقد اللاأخلاقي
بقلم/ يوسف سامي اليوسف
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:10 م

نشر الدكتور سليمان الشطي كتاباً بدائياً عنوانه « المعلقات وعيون العصور»، وذلك عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية (رقم 380، عدد أيلول ، 2011)
ولست هنا لأراجع هذا الكتاب الهزيل ، بل لأرد بتعليق وجيز على رأيه اللاأخلاقي الذي أهان به الكتابين اللذين نشرتهما في السبعينيات وكرستهما للشعر الجاهلي، وهما «مقالات في الشعر الجاهلي» (1975) و«بحوث في المعلقات»(1978) ، وقد صدر الكتابان عن وزارة الثقافة في دمشق منذ جيل على وجه التقريب.
وقبل كل شيء أود أن أنوه بأنني طوال تجربتي الكتابية التي مارستها خلال السنوات الأربعين الأخيرة، قد ابتليت بثلاثة أصناف من المنحطين السفهاء:
ولاً: اللصوص الذين ينتحلون أفكاري علناً وبصفاقة ودون أي شعور بالحياء.
ثانياً: صنف الهجّائين الذين يتمادون علي بغير وجه حق ودون أن يردعهم أي شعور بالشرف أو الخجل.
ثالثاً: صنفمتطرف في السفاهة والوقاحة، وهو ذاك الذي يسرقني ويشتمني في غارة واحدة ، وهذا الصنف من العدوانيين هو شر المخلوقات كلها وأكثرها حقارة وخسارة، فلئن كان الصنف الأول طفيلياً، فإن الثاني رذل أو بلا أخلاق ، أما الثالث فيجمع الرداءة أو الوضاعة من طرفيها، والمزعج في الأمر هو أن من يشتمك لا يصلح أن يكون تلميذاً عندك، وربما كان غير صالح للتتلمذ بتاتاً.وهذا يعني أنني قد عشت السنوات الأربعين الأخيرة فريسة للمسوخ والأقزام وأشباه البشر وحثالة المتسلقين ومن يظنون أن بتسديد الإهانة للآخرين أو الحط من شأنهم ، سوف يمكنهم الصعود إلى أرفع الدرجات في دنيا الكتابة.
سوف أختصر الرد على هذا الكتاب التافه الذي أحسبه هجاء أكثر مما هو علم، ولعل أهم ما ينبغي أن أشدد عليه في البداية هو أن كتابي المكرس للمعلقات لم يعرضه الشطي بتاتاً، مع أن كتابه مخصص لعرض الكيفية التي فهم بها الناس تلكالقصائد العشر دون سواها .
 
وعلى أية حال، فإنني سوف أختزل ردي وأحصره في ثلاثة أمور:
ولاً: زعم الدكتور الشطي أن مصطفى ناصف قد سبقني إلى قول ماقلت (ص 339) وفي هذا الزعم ثمة كذب صفيق وزور وبهتان وحديث إفك. ولا أدري ماهو الدافع الذي دفعه لاتخاذ هذا الموقف اللاأخلاقي السخيف، وأنا أتحداه أن يقدم أي دليل على أن تحليلي لمعلقة امرئ القيس، مثلاً قد سبقني إليه أي دارس آخر ، أو أن له أيما أصل في أي مصدر من المصادر، وليته يتبين لي أية فكرة مشتركة بيني وبين ناصف الذي استخدمه الشطي وكأنه حصان طروادة.
ربما كانت هنالك فكرة عرضية تجمعني بناصف، مثل أن كلاً منا قد لجأ إلى مقولة «اللاشعور الجمعي»، وهذه الفكرة ليونغ وليست لسواه، وقد وردت عرضاً في كتابي « مقالات في الشعر الجاهلي»، ولم تذكر قط في الكتاب الثاني المكرس للمعلقات ، والذي يدخل في اختصاص كتاب الشطي وسوف لن يصدقني الشطي ، ومعه عدد كبير من البشر ، إذا ما أكدت أنني لم أسمع بكاتب اسمه مصطفى ناصف إلا يوم قرأت كتاب الشطي الذي هو الآن موضع النقاش، أي إلا في أيلول سنة 2011!.
وههنا ، أملك كامل الحق في أن أؤكد على أن هذا الرأي الوضيع الذي قذف به الشطي جزافاً ، أو عشوائياً، أو بغير كياسة ولا حذر ، هو دليل واضح على الانحطاط الذي أصاب الجامعات في العالم العربي خلال السنوات العشرين الأخيرة.
ثانياً: بودي أن أنوه بأن الدكتور الشطي قد غش قارئه، وذلك حين عرض مضمون الكتابين آنفي الذكر بهذه الطريقة المنسوجة من الضحالة والفجاجة، فبهذا العرض السطحي حرم قارئه من المحتوى الحقيقي المبثوث في الكتابين كليهما، وبذلك فإنه قد خانه أو غشه حقاً بدلاً من أن يبلغه الحقيقة كما هي ، ودون أي افتئات عليها أو تشويه لوجهها الكريم.
ثالثاً: يكتب الدكتور الشطي، الأستاذ في جامعة الكويت ، بأسلوب ركيك أو هزيل، أو هوليسأفضل من أسلوب طالب جامعي متوسط الذكاء، وعندي أن كاتباً لا يملك أن يتماهى مع روح اللغة، مثل الشطي ، لا يجوز تصنيفه في فصيلة الكتاب بتاتاً، وفي ميسوره أن يستفتي الخبراء بالأساليب، وهم جد نادرين في هذا الزمن الشبيه بجلد الأجرب.
وهكذا ، كويتب نكرة أو من الأغفال، تمادى ومحاني بجرة قلم بعد أن مارست الكتابة طوال أربعين سنة، وذلك بدلاً من أن يشكرني على ما بذلت من جهد!.فهل بقيت للكتابة أية قيمة في سواء هذا الانحطاط الشامل ؟ لماذا الكتابة، مادام في مقدور أي غوغائي نكرة أن يهدمك ، كائناً من كنت؟
إنني أرتاب في أن يكون الشطي قد طالع أياً من الكتابين اللذين كرستهما للشعر الجاهلي وأظن أنه اكتفى بحفنة أفكار نبشها من هنا وهناك وربما جاز لي أن أنعته بأنه ساذج، أو مغفل ، وقع تحت تأثير أحد الخبثاء ، فتورط في هذا المأزق الهجائي الشائن، ولئن لم يكن الأمر كذلك ، فما هي مصلحتهالتي دفعته إلى هذا المزلق الخطير؟ ولماذا انصبَّ هجومه على كاتبين من سورية ، وهما كمال أبو ديب وأنا؟
وأياً ما كان الأمر ، فإنني لا أجد ما أختم به هذا الرد خيراً من قول المتنبي :« وأغيظ من عاداك من لا تشاكل » فكل من أدلى برأي أجرد أعجف وتلوح عليه فجاجة البداوة ورعونة التخلف لا يشاكل الكتّاب ولا يدخل في فصيلتهم بتاتاً.
 
ولكني كثيراً ما أردد هذا القول الذي أتخذه مبدأ دائماً لسلوكي في الحياة: إن على اللطافة أن تتحمل الجلافة، حتى وإن كان ذلك على حساب الكرامة.. لئن كنت لم أتحمل هذا البدائي الجلف، فذلك لأنه أفرط في التمادي فصار شكمه أو ردعه حاجة لا بد منها بغية تعليمه وجوب النظر إلى جهود الآخرين بعين الاحترام أو التقدير.
تعليقات:
تعليقات:
ملحوظة:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى ثقافة و فنون
ثقافة و فنون
الرفيق/سعيد فارع المقرمي
إشراقة البعث
الرفيق/سعيد فارع المقرمي
ريم عبد الغني‏
كتاب في ظلال بلقيس
ريم عبد الغني‏
علي أحمد جاحز
الشاعر محمد الجبلي يذهب إلى الله خفيفا من أوزار هذا العالم .
علي أحمد جاحز
رمضان إبراهيم
شمولية العمل الثقافي!
رمضان إبراهيم
جازية سليماني
فن الخط . . إعمال للعقل وإيقاظ للروح
جازية سليماني
طلال الغوار
حرريني من قبضتك
طلال الغوار
الـمـزيـد