الغرب وصناعة اللاجئين!!
بلال الفايز
بلال الفايز
ينطبق على حكومات الدول الغربية الاستعمارية المثل الذي يقول: «يقتلون القتيل ويمشون بجنازته»، فهذه الحكومات، ودون أدنى شك، هي من يقف وراء تشريد الملايين في مختلف أصقاع الأرض المملوءة ظلماً في الماضي والحاضر، وسجلها الإجرامي الطافح بالجريمة والقتل والإرهاب، يثبت مسؤوليتها عن مآسي مئات الملايين في العالم، إشباعاً لجشع ونهم لاينتهيان، وما مآسي اللاجئين الذين شردوا من بلادهم في أنحاء العالم المترامية إلا صورة واحدة من جرائم كثيرة وكثيرة جداً يحفل بها سجل هذه الحكومات.. فمن قتل وشرد الملايين في فيتنام واليابان وفلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والبوسنة وليبيا والجزائر ولبنان وهاييتي؟! أولم تكن تلك الحكومات الغربية المتغطرسة بعينها هي المسؤولة مباشرة عن معاناة الملايين في بقاع الأرض وتحت مسميات وشعارات إنسانية براقة من مثل حماية حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، وحماية المدنيين، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب..؟!
هذه الحكومات تعود إلى منطقتنا بحلة جديدة وتحت شعارات «الربيع العربي»، مسخّرة لذلك آلة عسكرية فتاكة وآلة إعلامية وفضائيات فاجرة وهدامة أنشئت لهذه الغاية، لتضليل الرأي العام العالمي عما يجري على أرض الواقع ولتبرير تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية، لتعيث فيها فساداً وقتلاً وتشريداً، مسهمة في نشر ثقافة الكراهية والفتنة وثقافة الساطور الغريبة عن قيمنا، لتمرير مشروعها (الشرق الأوسط الكبير) المتعثر بغية تفتيت المنطقة برمتها وذلك للسيطرة على النفط والغاز فيها ولتعويم النموذج الإسرائيلي وفق سياسة الفوضى الخلاقة والحرب الناعمة أو الحرب بالإنابة، وبدعم من حكومات (نادي الملوك) العربي.
والمثير أنها تتباكى على اللاجئين السوريين، الذين صممت مأساتهم وصنعتها، وترسل لهم المساعدات الغذائية والصحية-المدفوع ثمنها أصلاً من أموال النفط والغاز الخليجي- وكأنها جمعيات خيرية وإنسانية وبحماسة لم نعهدها من قبل، مغفلة أن هؤلاء اللاجئين أخرجوا من ديارهم وفق مخطط مرسوم بخبث للمتاجرة بقضيتهم للتلاعب بعواطف الرأي العام العالمي وتأليبه ضد سورية لتفتيتها وكأن لايد لها في مسألة اللاجئين السوريين التي أعدت عن طريق الترهيب المسلح للمدنيين والترغيب المادي لهم لدفعهم إلى مغادرة ديارهم إلى المخيمات التي أعدت لهم سلفاً في دول الجوار! ألم تنصب الحكومة التركية المخيمات لإيواء اللاجئين السوريين قبل بدء الأحداث في سورية حسب ما طلب منها، في حين كانت أصلاً عاجزة أمام العالم أجمع عن بناء مخيمات لضحايا الزلازل الأتراك في شرق تركيا!؟.
وتتناسى تركيا أنها احتلت من سورية منطقة لواء اسكندرون وبالتآمر مع فرنسا عام 1939 وشردت منه معظم سكانه العرب السوريين، ونسأل أيضاً من نصّب المخيمات للاجئين السوريين في شمال لبنان للمتاجرة أيضاً بقضيتهم أمام الرأي العالم العالمي؟ أليسوا هم الذين قتلوا قبل الأزمة مئات العمال السوريين، في لبنان كونهم سوريين فقط؟! وكذلك الأمر على الجانب الأردني نصبت المخيمات وبدأت الحكومة الأردنية بالنواح والشكوى لتشحد عليهم وخاصة أنها ذات خبرة في هذا المجال، فقد مارست الدور المخزي نفسه مع الأشقاء الفلسطينيين والعراقيين؟ إن هذه الدول التي تسلط الضوء على معاناة اللاجئين السوريين هي نفسها من يقيم مراكز لتدريب المسلحين وإرسالهم الى داخل الأراضي السورية لقتل السوريين وليعملوا فيها فساداً وتخريباً فيها، عقاباً لسورية على مواقفها الوطنية والقومية المشرفة لأنها العقبة الرئيسية أمام مخططات إخضاع المنطقة.
لكن هل سورية تستحق التنكر والعقوق من الأشقاء والجيران الذين وقفت معهم في السراء والضراء، فسورية كانت ومازالت وستبقى ملاذاً آمناً لكل المظلومين والمشردين العرب والأجانب دون منة.
المؤسف أن بعض الأنظمة العربية كانت المخلب للمشروع الأمريكي الغربي الصهيوني، (الشرق الأوسط الكبير)، في التآمر على سورية، وتتحمل مع الدول الغربية والكيان الإسرائيلي مسؤولية سفك الدماء السورية، التي تهدر تحت عناوين "الربيع العربي" المصنّع غربياً لتفتيت دول المنطقة على أسس طائفية وعرقية وقبلية ومذهبية.
و السؤال الذي يُطرح هنا: لماذا نسيت الدول الغربية المتغطرسة وطابورها العربي الخامس والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس (عقوق) الإنسان قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم ستة ملايين، المشردين في أغلب دول العالم؟! وماذا قدمت لهم منذ أكثر من ستين عاماً؟! وهل أصبح شغلهم الشاغل فقط بضعة آلاف من اللاجئين السوريين الذين هجّروا بل صُنع تهجيرهم بمؤامرة عالمية؟.
لقد فات أعداء سورية أن الشعب السوري لايمكن أن يقبل بأن يكون سلعة في سوق النخاسة الدولية، فهو صاحب حضارة ضاربة في أعماق التاريخ وهو الذي أهدى البشرية الأبجدية، وهو القادر على الخروج من المؤامرة أقوى ليسهم في ولادة نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وتوازناً من نظام القطب الأمريكي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

في الإثنين 24 سبتمبر-أيلول 2012 04:37:57 م

تجد هذا المقال في حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن
https://albaath-as-party.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://albaath-as-party.org/articles.php?id=387