لا يمكن أن نُلدغ مرّتان
طلال الغوار
طلال الغوار
لم يعد خافيا على احد أهداف ومرامي هذا التكالب العدواني المحموم على سوريا , الذي يندرج ضمن المخطط ألتدميري الكبير للمنطقة العربية, والذي حشد ت له أميركا والغرب ومن هم في دائرة التبعية لها من أطراف إقليميه وعربيه, كل وسائل الدعم والمساندة بدءا من إرسال ألقتله والمجرمين والمتطرفين الذين يتخذون من الإسلام قناعا إلى سوريا ودعمهم بالمال وكل أدوات الإجرام والقتل مرورا بالحصار المفروض عليها من الغرب والمواقف المشينة والخسيسة التي اتخذتها ألجامعة (العربية) وما رافق كل ذلك من تجيش إعلامي معادي كبير يعتمد على آلية التحريض والكذب والخداع وتشويه الحقائق وتزويرها.
نعم لقد تكشفت أبعاد هذا المخطط ألتدميري الكبير(الصهيو أمريكي) وأصبح واضحا للقاصي والداني والذي في حقيقته لا يستهدف سوريا فحسب بل المنطقة العربية برمتها, فقد دأبت أميركا وأتباعها في ألمنطقه, على العمل من اجل أن تستنهض عند العرب ثقافة تكتبها لغة الطوائف والمذاهب والقبائل وتخصص من اجل ذلك أجندات متخصصة وتمررها وكأنها ضرورة حياتيه فيتلقفها أصحاب الرؤى الضيقة والنفعية والمتخلفة وتسوقها وكأنها الطريق إلى الحرية والديمقراطية في حين هي امتهان كبير لكرامة الإنسان العربي وقيمته الإنسانية,
ولعل احتلال الأمريكي للعراق كان بمثابة الخطوة العملية الأولى لمخططها ألتدميري , حينما قدم نفسه تحت غطاء وجود أسلحة الدمار الشامل , وغطاء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الواجهات البراقة التي كان يتخفى خلفها , فدمر الدولة العراقية ونسف كل مرتكزاتها ومؤسساتها الرئيسة ليضع العراق في دوامة الفوضى والفراغ الأمني والسياسي والعمل على خلخلة الكيان الوطني العراقي من خلال إشاعة النعرات والفتن الطائفية والمذهبية والاثنية, وإحداث الشروخ العمودية فيه ,ليبقى مشلولا ومعطلا حتى بعد خروجه منه, ومرورا بأحداث ما يسمى (بالربيع العربي) في بعض الأقطار العربية والذي استطاعت أمريكا وأتباعها أن يركبوا موجة الحراك الشعبي ومطالبه المشروعة ويستثمروا تطلعات هذه الشعوب في الحرية والإصلاح ويغيروا بوصلة هذا الحراك بالاتجاه الذي يخدم هذا المخطط ألتدميري , لينتج هذا الربيع المزعوم أوضاعا شاذة وغريبة لها انعكاساتها السلبية على تماسك النسيج الوطني في هذه الأقطار من خلال دعم قوى دينية متطرفة وظلامية وجعلها في موقع الصدارة خدمة لمشروعها.  
ولكي يستكمل هذا المخطط ألتدميري حلقاته وينجز أهدافه الإستراتيجية , لا بد له من تدمير آخر القلاع التي تعيق مساره, وهم يدركون جيد أن انهيار هذه القلعة (سوريا), له تداعياته وانعكاساته الإقليمية والعربية بما سينتج عنه من فوضى واقتتال له أبعاده وأشكاله المختلفة وبالتالي سيصلون إلى الهدف النهائي لهذا المخطط وهو (سايكس بيكو ) جديدة تتمثل في تفتيت الكيانات الوطنية في المنطقة على أسس طائفية ومذهبية واثنيه وعرقية .من هنا كان اعتمادهم على القوى الدينية التي لا تستطيع أن تؤسس لأبسط مقومات الدولة بحكم تواجهانهم ورؤاهم الضيقة أو الطائفية, بل أن مثل هذه القوى الدينية هي أساسا لا تؤمن بوجود الدولة الوطنية, ولهذا فهي الأداة التي يمكن الاعتماد عليها في تفتيت الدول الوطنية في المنطقة .
غير أن معطيات الواقع إلى تشير أن تحالف الأعداء ضد سوريا يواجهون اليوم مأزقا صعبا بسبب الصمود الذي يبديه الشعب العربي السوري وجيشه من صلابة وتماسك منذ أكثر من عامين برغم كل ما حشدوا من أدوات ووسائل التآمر المختلفة ودحض كل الدعاوى الغريبة والتي في مضمونها هي أن تكون حرا وديمقراطيا, عليك أن تستبدل انتماءك للوطن بالانتماء إلى الطائفة او المذهب او القبيلة,.. هذه ثقافة جديدة تكتبها لغة الأغبياء والعبيد والمأجورين لا يمكن لها أن تجدا مكانا في وعي وضمير الشعب العربي السوري , لذا نجده يلجئون إلى السيناريو نفسه الذي استخدموه ضد العراق ليجدوا فيه المسوغ لاحتلاله وهو وجود أسلحة الدمار الشامل, والذي اثبت بطلانه فيما بعد, ولكن هل يمكن أن يكون هذا الاتهام إلى سوريا معبرا وحجة لإسقاطها أو احتلالها , بالتأكيد لن يكون ذلك أبدا لأنه لا يمكن أن يلدغ الشعب العربي في سوريا من الجحر الذي لدغوا منه العراق.

كاتب وشاعر .. العراق
[email protected]


في الجمعة 03 مايو 2013 03:38:44 م

تجد هذا المقال في حزب البعث العربي الإشتراكي-قطراليمن
https://albaath-as-party.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://albaath-as-party.org/articles.php?id=466